اكتشاف كنز طاقي في أعماق المحيطات: تيارات البحر تُنير مستقبل الطاقة النظيفة
✍️ بقلم: مختار أبوالخير
ذكر فريق العلوم والبيئة ؛ إنه في ظل سباق عالمي محموم للتحرر من قبضة الوقود الأحفوري، أعلن باحثون من **جامعة فلوريدا أتلانتيك** عن اكتشاف ثوري قد يُعيد رسم خريطة الطاقة المتجددة: **كنز طاقي هائل كامن في تيارات المحيطات**، قادر على إمداد المدن الساحلية بطاقة نظيفة دون توقف.
بين البيانات والمحيطات: رحلة البحث عن «الذهب الأزرق»
بعد تحليل أكثر من **43 مليون نقطة بيانات** جمعت على مدار ثلاثة عقود، نجح الفريق البحثي في تحديد مواقع استراتيجية تتمتع بأعلى كثافة للطاقة الحركية تحت الأمواج، مع تركيز خاص على **الساحل الشرقي لفلوريدا الأمريكية**، حيث تُنتج التيارات البحرية ما يزيد عن **2,500 واط لكل متر مربع**، وهو معدل يفوق قدرة مزارع الرياح بـ **2.5 ضعف**.
«السر يكمن في استمرارية التيارات البحرية التي لا تعرف التوقف، بعكس الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تخضع لتقلبات الطبيعة»، يوضح **الدكتور مارك هانسن**، رئيس الفريق البحثي، في حديث خاص لـ«الغد العلمي».
لماذا تيارات المحيطات؟
في حين تواجه مصادر الطاقة التقليدية تحديات مثل التقطع واعتمادها على الظروف الجوية، تبرز تيارات المحيطات كحلٍّ مثالي:
استمرارية 24/7**: تدفق المياه لا يتوقف ليلاً أو نهاراً.
- **كثافة طاقية عالية**: سرعة التيارات تصل إلى 1-2 متر/ثانية، مما يزيد كفاءة التوليد.
- **بصمة بيئية محدودة**: التوربينات المائية أقل تأثيراً على النظم البيئية مقارنة بالسدود.
التحديات التقنية: كيف نُسخّر قوة المحيط؟
رغم الإمكانات الهائلة، لا تزال التقنيات القادرة على استغلال هذه الطاقة في طور التطوير. تُجرى حالياً تجارب على تصميمات مبتكرة لتوربينات تحت الماء تتحمل الظروف القاسية، مثل:
- توربينات دوّارة صغيرة الحجم.
- أنظمة عائمة مرتبطة بقاع البحر.
- مواد نانوية مقاومة للتآكل.
«التحدي الأكبر ليس في التقنية نفسها، بل في تحديد المواقع المثالية حيث تتلاقى القوة التوربينية مع الظروف الجيولوجية المناسبة»، تضيف **الدكتورة إيمي لي**، عالمة فيزياء المحيطات المشاركة في الدراسة.
رؤية مستقبلية: مدن ساحلية تعتمد على «الطاقة الزرقاء»
يتوقع الخبراء أن تشهد العقود القادمة انتشار منصات توليد الطاقة من التيارات البحرية قرب السواحل، لا سيما في مناطق مثل:
- خليج المكسيك.
- مضيق فلوريدا.
- تيارات شرق آسيا.
هذا التحول قد يُقلل انبعاثات الكربون بنسبة 15% في المدن الساحلية بحلول 2050، وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).
الخلاصة: موجة التغيير قادمة
بينما تُشكل المحيطات 70% من كوكبنا، كان من المنطقي أن تكون المفتاح التالي للطاقة المستدامة. الاكتشاف الجديد ليس مجرد رقم في أوراق بحثية، بل هو إشارة بدء لثورة طاقية زرقاء قد تُغير قواعد اللعبة، وتجعل من المدن الساحلية نقاطاً مضيئة في خريطة الاقتصاد الأخضر.
السؤال الآن: هل سنشهد قريباً مدناً تُضاء بأنوار مصدرها أعماق المحيط؟ الوقت كفيل بالإجابة، لكن الموجة بدأت بالفعل.
🌊 **المرجع العلمي**:
- الدراسة المنشورة في مجلة *Nature Energy*.
- بيانات منظمة المحيطات العالمية (OCC).
- مقابلات مع فريق بحث جامعة فلوريدا أتلانتيك.
#الطاقة_المتجددة #الاستدامة #الاقتصاد_الأخضر #علوم_المحيطات
تعليقات
إرسال تعليق