القائمة الرئيسية

الصفحات

عبر التاريخ: حين خان الخوف الأمة.. فداستْها أقدامُ الغُزاة


عبر التاريخ: حين خان الخوف الأمة.. فداستْها أقدام الغزاة  



بقلم: مختار أبوالخير 


لم تكن غزوات التتار مجرد غبارٍ طواه الزمن، بل كانت دروسًا مروعةً عن عواقب الخوف والتراخي. فبينما كانت جحافل المغول تُحْرِقُ خُراسان وتذبح ملايين أهلها في القرن السابع الهجري، وقف أهل العراق يراقبون الكارثة بلا حراك، آملين أن يُنجيهم صمتُهم من شرّ الغزاة. لكن السلام المزعوم مع الطغاة كان فخًّا واهيًا: فبعد عامين فقط، اجتاحت جيوش التتار بغداد، وأزهقت أرواح مليون إنسان، وأحرقت المدينة حتى سوّتها بالأرض.  


لم يتعظ الشاميون! فبدلًا من توحيد الصفوف، رفعوا رايات الاستسلام، ووقّعوا مع التتار معاهداتٍ ظنّوها ممرًّا للنجاة. لكن دمشق وحمص وحلب دخلت سِجِلَّ الخراب بعد أشهرٍ قليلة، بينما كانت عيون الشام تُغمض عن جثث العراقيين تُذبح وتُحرق.  


أما مصر، فقد كادت تسير في ذات الدرب. فحكام المماليك مالوا إلى قبول شروط التتار المجحفة، لولا أن وقف السلطان المُظَفَّر سيف الدين قطز كالصخرة، يُذكّرهم بواجبهم: **"أنَا ألقى التتار بنفسي! يا أمراء المسلمين؛ لكم زمان تأكلون من بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون. مَن للإسلام إن لم نكن نحن؟"**. بكلماتٍ كالسهام، أيقظ قطز ضمير الأمة، ثم قطع كل سبل التراجع: أمر بإعدام رسل التتار وتعليق جثثهم على أبواب القاهرة، ليكون إعلانًا صارخًا: لا مُساومة مع الغزاة!  


في **عين جالوت**، كتب التاريخُ صفحته الخالدة. نزل قطز بنفسه إلى ميدان المعركة، وألقى بخوذته أرضًا صائحًا: **"وا إسلاماه!"**، فتحولت الهزيمة المرتقبة إلى نصرٍ ساحق. كان درسًا بليغًا: الأمة التي ترفض الخنوع، وتُقدّم الدماء دفاعًا عن كرامتها، لا تُهزم.  


عِبرةٌ لمْ تَبْدُ عليها غُبار الزمن:  


- لا سلام مع مَنْ يحمل السيف لإذلالك.  

- لا أمان للجبناء الذين يتخاذلون عن نصرة إخوانهم.  

- الظلم لا يموت بالسكوت، بل يَزدادُ جُرأةً بالخنوع.  


فهل نتعظ من دموع الأمس، أم ننتظر كأس المرارة حتى الثمالة؟  

تعليقات