القائمة الرئيسية

الصفحات

تحالفات إقليمية واستراتيجيات الطاقة: صراع الغاز في شرق المتوسط وتداعياته على مصر


تحالفات إقليمية واستراتيجيات الطاقة: صراع الغاز في شرق المتوسط وتداعياته على مصر
  


بقلم : مختار أبوالخير 


في ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة بمنطقة شرق البحر المتوسط، تطفو على السطح تساؤلات حول الدوافع الخفية للتحالفات الإقليمية الأخيرة، خاصة تلك المرتبطة بموارد الغاز الطبيعي الهائلة التي تُقدَّر احتياطياتها بالمليارات قبالة سواحل غزة ولبنان. تشير تحليلات الخبراء إلى أن الصراع المحتدم في غزة لا ينفصل عن سباق السيطرة على ثروات المنطقة، حيث تُوجه اتهامات لدول غربية بدعم حرب تستهدف إضعاف أي كيانات قد تعيق مخططات الهيمنة على موارد الطاقة.  


الاتفاقيات الإقليمية: شبكات غاز جديدة بعيداً عن مصر

 

أبرمت إسرائيل مؤخراً سلسلة اتفاقات لتعزيز نفوذها في سوق الغاد المتوسطي، كان أبرزها:  


1.تحالف إسرائيلي–قبرصي–يوناني**: يهدف إلى تجميع الغاز الطبيعي المسال ونقله مباشرةً إلى أوروبا عبر منصات مشتركة، متجاوزاً بذلك البنية التحتية المصرية التي كانت تُعتبر لسنوات مركزاً إقليمياً لتصدير الغاز. يُفسر هذا التحالف كخطوة استراتيجية لتهميش دور مصر الاقتصادي، ومنعها من استعادة موقعها كقوة طاقية رائدة، وهو ما يتوافق مع مخاوف القاهرة من تداعيات اقتصادية وسياسية طويلة الأمد.  


2. **ممر غاز إسرائيلي–تركي**: يتضمن اتفاقاً مع تركيا لبناء خط أنابيب عبر الأراضي التركية نحو الأسواق الأوروبية، في خطوة تُعتبر تقارباً غير مسبوق بين أنقرة وتل أبيب. يُشتبه في أن هذا التعاون لا يقتصر على تسويق الغاز الإسرائيلي فحسب، بل يمتد ليشمل عمليات تنقيب مشتركة في مناطق متنازع عليها قبالة السواحل اللبنانية، ما أثار احتجاجات لبنانية ودولية حول شرعية هذه العمليات.  


الأهداف الخفية: منافسة مصرية وحصار اقتصادي
 

لا تُختزل هذه الاتفاقيات في بعدها التجاري، بل تُقرأ ضمن استراتيجية أوسع تُتهم فيها أطراف إقليمية ودولية بالسعي لتحقيق أهداف متشابكة:  

- **استغلال احتياطيات غزة ولبنان**: عبر مشاريع تُنفذ دون مراعاة الحقوق الفلسطينية أو اللبنانية، وسط غياب أي ضغوط دولية لوقف الاستغلال الأحادي لهذه الثروات.  

- **إضعاف الموقع الاستراتيجي لمصر**: من خلال خنق قدراتها الاقتصادية عبر إقصائها عن مشاريع الربط الغازي، وخلق معوقات تعيد إنتاج أزمات شبيهة بأزمة سد النهضة، لكن في مجال الطاقة هذه المرة.  


خاتمة: مشهد معقد ومصير مرتبط بالسياسات
  

تُظهر التحركات الأخيرة في شرق المتوسط أن لعبة الطاقة لا تزال محركاً رئيسياً للتحالفات والصراعات في المنطقة. بينما تواجه مصر تحديات جسيمة للحفاظ على مكانتها، تبقى الأسئلة معلقة حول قدرة الدبلوماسية المصرية على كسر الحصار المضروب، وإعادة توطين نفسها في خريطة الغاز العالمية، خاصة مع تصاعد المخاوف من أن تصبح هذه الاتفاقيات جزءاً من مخطط طويل الأمد لإعادة تشكيل موازين القوى بعيداً عن القاهرة.

تعليقات