عشر سنوات من السيسي: بين انتقادات الداخل ومكاسب الاستراتيجية العسكرية التي أرعبت الكيان"
بقلم مختار أبوالخير
على مدى العقد الماضي، ظل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هدفاً لانتقادات محلية حادة بسبب أولوياته التي ركزت على مشروعات البنية التحتية الضخمة، وتعزيز الترسانة العسكرية، بينما كان الاقتصاد يعاني من تحديات جمة. لكن اليوم، وبعد تصريحات إسرائيلية مفاجئة تشير إلى أن السيسي "خدع الأمريكان" وطور جيشاً يفوق التوقعات، يطفو سؤال: هل كانت استراتيجية الرجل، التي لطالما نادى بأن "الأمن أهم من الأكل"، هي الخطة الصحيحة لمواجهة تهديدات لم تكن مرئية للجميع؟
طرق وكباري.. وشبكة دفاع استراتيجية:
منذ 2014، حوَّل السيسي مصر إلى ورشة عمل كبرى، حيث انتشرت الكباري والأنفاق التي ربطت سيناء بالعاصمة، مخفضة المسافة من 600 كم إلى 300 كم. لكن وراء هذه المشروعات، كان هناك هدف أعمق: تعزيز السيادة المصرية على سيناء، وتسهيل حركة القوات العسكرية في مناطق كانت يوماً ما "محظورة" بحسب الاتفاقيات مع إسرائيل. اليوم، باتت سيناء مُسيجة بشبكة طرق سريعة وأنفاق عسكرية، فيما تنتشر القواعد المُحصنة شرق القناة، لأول مرة منذ حرب 1973.
اقتصاد تحت الضغط.. وأسلحة من كل حدب:
رغم ترنح الاقتصاد تحت وطأة الديون وارتفاع الأسعار، واصلت مصر تنويع مصادر تسليح جيشها، من صفقات روسية وأسلحة صينية إلى تكنولوجيا فرنسية، في خطوة قللت الاعتماد على واشنطن. يقول محللون عسكريون: "القاهرة أدركت مبكراً أن الضغوط الأمريكية قد تعرقل أي مواجهة محتملة، فكان التنويع سلاحاً استباقياً".
الكيان يُفاجأ: "السيسي خدعنا جميعاً"
في مفارقة مثيرة، بات الكيان الإسرائيلي يتهم السيسي اليوم بـ"خداع الأمريكان" عبر إظهار الولاء لهم، بينما كان يبني جيشاً يُعد الأقوى في المنطقة. التعليقات الإسرائيلية جاءت بعد نشر مصر آلاف الجنود والمعدات في رفح، في خطوة لم تعترض عليها واشنطن صراحةً، بل اكتفت بالتحذير من "تصعيد". بينما أرسلت إسرائيل رسائل طمأنة حول التزامها بمعاهدة السلام، في إشارة واضحة إلى تغير موازين الردع.
الأمن أهم من الأكل".. لحظة الحقيقة:
عندما هدد ترامب سابقاً بـ"تهجير المصريين"، كان رد السيسي حاسماً: "اللي عايز يجرب يقرب"، فيما اعتبره مراقبون اختباراً لصلابة الموقف المصري. اليوم، وبعدما بات الجيش المصري رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية، يعيد الكثيرون قراءة مقولة السيسي الشهيرة. يقول أحمد محمود، محلل سياسي: "التهديدات الإسرائيلية الأخيرة أثبتت أن أي تنازل عن الأمن كان سيحوّل مصر إلى ساحة للصراع، لا طرفاً فيه".
الخلاصة :
قد تظل أولويات السيسي موضع جدل داخلي، لكن ما حدث في رفح، والتحول في الخطاب الإسرائيلي، يؤكدان أن الرجل، الذي خرج من عباءة المخابرات، أدار اللعبة بمهارة. ففي عالم لا يرحم إلا الأقوياء، يبدو أن "الأمن" كان فعلاً—ولو بثمن باهظ—الطريق الوحيد لـ"الأكل".
تعليقات
إرسال تعليق