القائمة الرئيسية

الصفحات

السيسي وتخطي الخطوط الحمراء.. لماذا يُصر الأصدقاء والأعداء على إسقاطه؟


السيسي وتخطي الخطوط الحمراء.. لماذا يُصر الأصدقاء والأعداء على إسقاطه؟

  

بقلم: مختار أبوالخير 


في مشهدٍ يعكس تحديًا جيوسياسيًا غير مسبوق، أصبح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محط أنظار العالم، ليس فقط لتحويله مصر إلى قوة إقليمية صاعدة، بل لتخطيه سبعة خطوط حمراء فرضها الغرب سابقًا لاحتواء نفوذ الدولة الأكبر عربيًّا. هذه الخطوات الجريئة، التي بدأت بتعزيز القدرات العسكرية وانتهت بتحقيق الاستقلال الاستراتيجي، أثارت حملاتٍ مضادةً تتصاعد حدتها يوميًّا، من حلفاء تقليديين وخصوم على حد سواء. فما قصّة هذه الخطوط، ولماذا تُعتبر تهديدًا لمن يريدون إسقاط السيسي بأي ثمن؟  


التحدي الأول: تحويل الجيش إلى قوة إقليمية بعيدة المدى


لم تكن الترسانة العسكرية المصرية لتصل إلى ما هي عليه اليوم لولا سياسة السيسي في تحديث القوات الجوية والبحرية، عبر صفقات تسلّح متطورة تشمل طائرات بعيدة المدى، وغواصات عملاقة، ومروحيات هجومية. لم يقتصر الأمر على الشراء، بل شمل نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة العسكرية، ما حوّل الجيش إلى أداة نفوذ إقليمي، خاصة بعد تراجع أدوار جيوش عربية كبرى كالعراق وسوريا.  


التحدي الثاني: منظومة صواريخ وتنويع مصادر السلاح
 

بتطوير منظومات صواريخ "جو-جو" خلف مدى الرؤية، وتعزيز التعاون مع لاعبين عالميين مثل روسيا والصين، كسرت مصر احتكار الغرب لتسليحها. هذا التنويع لم يُضعف الضغوط السياسية المرتبطة بصفقات السلاح فحسب، بل حوّل مصر إلى شريك استراتيجي يصعب استبداله في معادلات الشرق الأوسط، ما أثار مخاوف من تحوّلها إلى "الخطر المتبقي" على مشاريع تقسيم المنطقة.  


التحدي الثالث: مشاريع بنية تحتية تسحب البساط من تحت إسرائيل


مشاريع مثل ميناء العريش، وشبكة السكك الحديدية الرابطة بين طابا والعين السخنة، ومحور قناة السويس، لم تُنهِ عزلة سيناء فحسب، بل حوّلت مصر إلى منافس جدي لإسرائيل في طريق الحرير الصيني. هذه الخطوة، التي هدفت إلى جعل مصر مركزًا تجاريًّا عالميًّا، أزعجت دولًا إقليمية كانت تطمح لاحتكار هذا الدور.  

التحدي الرابع: السيطرة على منظمة غاز المتوسط


بإنشاء "منظمة غاز شرق المتوسط" ومقرها القاهرة، نجحت مصر في تحويل نفسها من دولة تعاني عجزًا في الغاز إلى مُصدِّر رئيسي لأوروبا. هذه السيطرة على ثروة الطاقة الإقليمية أعطت مصر نفوذًا يماثل نفوذ "أوبك" في النفط، وهو ما يهدد مصالح قوى كبرى تسيطر تاريخيًّا على سوق الطاقة.  


التحدي الخامس: مشروع ربط الكهرباء بأوروبا وأفريقيا

  

بتضاعفة إنتاج الكهرباء عبر محطات عملاقة، تعمل مصر على تحويل شبكتها إلى جسر يربط ثلاث قارات. هذا المشروع لن يضمن عوائد اقتصادية ضخمة فحسب، بل سيعزز مكانتها كحلقة وصل استراتيجية، وهو ما يرفع سقف نفوذها السياسي والعسكري بشكل غير مسبوق.  


التحدي السادس: تعمير سيناء.. دفاعٌ بحدّ ذاته
  

ثلاثة أنفاق تربط سيناء بالوادي، ومدن جديدة، وشبكة طرق متقدمة، حوّلت التعمير إلى سلاحٍ مضادٍ للمخاطر الأمنية. هذه الخطوة لم تُنهِ أحلام التقسيم فحسب، بل جعلت من المستحيل – عمليًّا – فصل سيناء عن مصر، وهو كابوس لدولٍ وإرهابيين راهنوا على ضعفها.  


التحدي السابع: الاكتفاء الذاتي وشراكات خارج الغرب


بعد تحقيق طفرة في الإنتاج الزراعي والدوائي، ومشاريع مثل الدلتا الجديدة، لم تعد مصر سوقًا مستهلكًا للغرب. شراكاتها مع الصين وروسيا، ورفضها الانحياز إلى محورٍ دون آخر، منحها حريّة حركةٍ أثارت غضب واشنطن وحلفائها، الذين فقدوا ورقة الضغط الاقتصادي.  


الخلاصة: معركة وجود.. وليس صراع سياسات


الخطوط السبعة التي كسرها السيسي لم تكن مجرد قرارات تقنية، بل إعادة تعريف لدور مصر كفاعلٍ مستقلّ. هذا التحوّل يهدد مصالح قوى إقليمية ودولية أرادت إبقاء القاهرة في حالة ضعفٍ دائم، وهو ما يفسّر الحملات الشرسة الأخيرة، التي قد تصل إلى ذروتها مع اقتراب مصر من إكمال مشروع استقلالها الوطني. السؤال الآن: هل ستنجح القاهرة في الصمود أمام تحالف الأصدقاء والأعداء؟ التاريخ يُكتب الآن.

تعليقات