القائمة الرئيسية

الصفحات

تداعيات متوقعة لتصاعد التوتر بين مصر وإسرائيل في ظل اتفاقية كامب ديفيد


تداعيات متوقعة لتصاعد التوتر بين مصر وإسرائيل في ظل اتفاقية كامب ديفيد


بقلم: مختار أبوالخير 


في ظل تصاعد التصريحات الدبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب، تطفو على السطح تحذيرات من سيناريوهات مُقلقة قد تُعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة. إذ يُشار إلى أن إسرائيل طالبت رسميًا الولايات المتحدة، بوصفها الضامن لاتفاقية كامب ديفيد (1979)، بالضغط على مصر لإزالة القواعد العسكرية التي أنشأتها مؤخرًا في سيناء، بحجة أنها تتعارض مع بنود الاتفاقية التي تُقيد الوجود العسكري في المنطقة. 


سيناريوهات التصعيد: بين العقوبات والضغوط الاقتصادية


تشير تحليلات إلى أن المطالب الإسرائيلية قد تكون مقدمة لموجة ضغوط غير مسبوقة على مصر، بدءًا من فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية جذرية، وصولًا إلى تعليق المعونة الأمريكية السنوية، التي تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار. وفي حال تحقق ذلك، قد تتبعها خطوات أخرى كانسحاب الاستثمارات الخليجية والأوروبية من السوق المصري، وهو ما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، خاصة مع توقعات بزيادات كبيرة في أسعار المواد البترولية والسلع الأساسية.  


ولا يُستبعد أن تُواكب هذه الضغوط تحولًا في الخطاب السياسي لدول الخليج تجاه مصر، في ظل تقارير تشير إلى أن بعض الحكومات الخليجية قد تتعامل مع الملف المصري وفق أولويات متقاطعة مع السياسة الأمريكية. يحدث هذا في وقت تزداد فيه حدة الجدل الداخلي حول الإصلاحات الاقتصادية، حيث تُثار مخاوف من أن "حملات إلكترونية" مُمنهجة تعمل على تأجيج الرأي العام ضد أي إجراءات تقشفية، مما قد يُعمق حالة الاستقطاب المجتمعي.  


التحدي الداخلي: بين الوحدة والانقسام
 

في مواجهة هذه السيناريوهات، يبرز سؤال محوري: كيف سيتعامل الشارع المصري مع هذه التحديات؟ فمن جهة، هناك مخاوف من أن تؤدي الضغوط الاقتصادية إلى تفكك الجبهة الداخلية، وهو ما يُنظر إليه كـ"كابوس" قد يعيد البلاد إلى دوامة عدم الاستقرار التي شهدتها عقب عام 2011. ومن جهة أخرى، ثمة دعوات لتضامن شعبي ورسمي خلف مؤسسات الدولة، خاصة الجيش المصري الذي يبقى – وفقًا لمراقبين – القوة النظامية الوحيدة المتبقية في المنطقة القادرة على مواجهة التحديات الأمنية، رغم محدودية الإمكانيات الاقتصادية.  


السياق الإقليمي: صراع النفوذ ومصير "العقبة المصرية"


تُقرأ الأزمة الحالية ضمن سياق أوسع يتعلق بالصراع على النفوذ في الشرق الأوسط، حيث تُوصف مصر بـ"العقبة الأخيرة" أمام مخططات التوسع الإسرائيلي، وفقًا لتحليلات بعض الخبراء. فبعد أن أصبحت دول مثل العراق وسوريا وليبيا غارقة في الصراعات الداخلية، تظل مصر حجر الزاوية في معادلة الأمن الإقليمي. هذا الواقع يفسر – من وجهة نظر محللين – سبب تركيز الضغوط عليها، لا سيما في ظل تصريحات سابقة لمسؤولين أمريكيين أشعلت الجدل حول نوايا واشنطن في المنطقة.  


الخاتمة: بين التشاؤم والأمل

  

رغم التشاؤم الذي يطغى على السيناريوهات المطروحة، يرى مراقبون أن مصر قد تعتمد على تاريخها في تجاوز الأزمات عبر تحالفات إقليمية ودولية جديدة، أو من خلال حوار استباقي مع الأطراف الأمريكية والإسرائيلية لاحتواء الأزمة. كما أن التكاتف الداخلي يبقى عاملًا حاسمًا، فالتجربة المصرية أظهرت مرارًا أن الوحدة الوطنية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص.  


في النهاية، بينما تُلوح في الأفق تحذيرات من "جحيم شرق أوسطي" كما وصفه بعض السياسيين، تبقى القدرة على تجنب هذا المصير مرهونة بحكمة إدارة الأزمة، وإيمانًا بأن تغيير الحال ممكن... فالتاريخ لا يُكتب إلا بصفحاته التي لم تُقلب بعد.

تعليقات