القائمة الرئيسية

الصفحات

نهاية الدرس: سوريا نموذجًا لفوضى لم نردها في مصر


نهاية الدرس: سوريا نموذجًا لفوضى لم نردها في مصر


بقلم: مختار أبوالخير 


في خضم الأحداث الدامية التي تشهدها سوريا اليوم، يتذكر المصريون ما كادوا أن يقعوا فيه بعد عام 2011. فما يحدث في سوريا من سعار ديني، وتسلط للمليشيات المسلحة، وانهيار للأمن، وتفكيك للدولة، هو ما كنا على وشك أن نعيشه في مصر لولا حكمة الشعب المصري وقوة مؤسساته الوطنية.


 الفوضى التي كادت أن تعم مصر


بعد ثورة 25 يناير 2011، شهدت مصر حالة من الفوضى بدأت بتحرير السجناء وتفكيك مؤسسات الدولة، ووصلت إلى محاولات لتشكيل حرس ثوري على غرار النموذج الإيراني، تحت إشراف جماعة الإخوان المسلمين. كانت هناك خطط لإعدام إعلاميين وفنانين، وتفكيك الجيش والشرطة، وتحويل مصر إلى دولة فاشلة. هذه الفوضى التي نراها اليوم في سوريا، كانت على وشك أن تكون مصير مصر.


 مصر دولة مؤسسات


لكن الفارق الأكبر بين مصر وسوريا هو أن مصر دولة مؤسسات. فلدينا أجهزة أمنية وطنية قوية، وجيش شريف هو جزء لا يتجزأ من الشعب. هذا الجيش ليس ملكًا لفرد أو رئيس، بل هو جيش وطني يحمي حدود البلاد ويحافظ على أمنها. كما أن الشعب المصري شعب غير طائفي، عاش لقرون تحت شعار "الدين لله والوطن للجميع"، حيث يتعايش المسلمون والمسيحيون في سلام، ويضحون معًا من أجل أرض الوطن.


 لحظة الحسم: 30 يونيو


عندما شعر الشعب المصري أن بلاده على وشك الضياع، توحد خلف جيشه في 30 يونيو 2013، لينقذ البلاد من السقوط في النفق المظلم. كانت لحظة حاسمة، حيث تصدى الجيش والأجهزة الأمنية لمحاولات تفكيك الدولة، وحافظوا على وحدة مصر وسلامتها. هذه اللحظة كانت بمثابة إنقاذ لمصر من مصير مشابه لما نراه اليوم في سوريا.


سوريا: درس قاسٍ


ما يحدث في سوريا اليوم هو تأكيد لكلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حذر من أن الدول التي تسقط لا تقوم مرة أخرى. سوريا، التي كانت دولة موحدة، أصبحت اليوم مقسمة بين قوى متعددة: جزء تحت سيطرة تركيا، وآخر تحت سيطرة الكيان الصهيوني، وثالث تحت سيطرة المليشيات المسلحة مثل "جبهة النصرة"، بالإضافة إلى مناطق تسيطر عليها القوات الكردية بدعم أمريكي. الفوضى تعم، والدماء تسيل في كل مكان، والدولة التي كانت قائمة لم تعد موجودة.


مصر: درس مستفاد


في مصر، كنا على وشك أن نقع في نفس الفخ. فبعد 2011، كان هناك من يدعو إلى "هدم الدولة لبنائها من جديد على أسس نظيفة"، لكن هذه الدعوات كانت مجرد أحلام وردية لا أساس لها من الواقع. فالدول التي تسقط لا تمنح فرصة لإعادة البناء، بل تصبح أراضي مستباحة للقوى الخارجية. لقد كان الشعب المصري أكثر حكمة، حيث أدرك أن الحفاظ على الدولة ومؤسساتها هو الطريق الوحيد لضمان الأمن والاستقرار.


 رسالة إلى الشعب السوري


للشعب السوري نقول: لقد كنا ننصحكم لأننا كنا نرى ما سيحدث. لقد حذرنا من أن إسقاط النظام دون وجود بديل قوي سيؤدي إلى الفوضى والدمار. اليوم، تدفعون ثمن تلك الاختيارات. لقد استبدلتم نظامًا بدولة فاشلة، وأصبحت سوريا ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.


الخلاصة: الدولة التي تسقط لا تقوم مرة أخرى


ما يحدث في سوريا اليوم هو درس قاسٍ لكل من يعتقد أن إسقاط النظام هو الحل. الدولة التي تسقط لا تعود مرة أخرى، والمؤسسات التي تنهار يصعب إعادة بنائها. مصر، بفضل شعبها وجيشها ومؤسساتها، نجت من هذا المصير. فلنحمد الله على نعمة الأمن والاستقرار، ولنعمل معًا للحفاظ على وطننا من أي محاولات لتقويضه.


ربنا يحفظ مصر من كل شر.

تعليقات