القائمة الرئيسية

الصفحات

المشاجرة المفتعلة: ترامب وزيلينسكي وخيوط اللعبة السياسية الأمريكية في أوكرانيا


المشاجرة المفتعلة: ترامب وزيلينسكي وخيوط اللعبة السياسية الأمريكية في أوكرانيا


كتب مختار أبوالخير 


في واقعة أثارت جدلاً واسعاً، ظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مشاجرة مثيرة على الهواء مباشرة، مما أثار تساؤلات حول حقيقة ما حدث. وفقاً لمصادر مطلعة، فإن هذه الواقعة لم تكن سوى جزء من خطة مدبرة تهدف إلى تمهيد الطريق لترامب للتخلي عن دعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، وهي الحرب التي كانت الولايات المتحدة نفسها أحد المحرضين الرئيسيين عليها منذ عام 2014.


هذه الحادثة ليست سوى مثال صارخ على القذارة التي قد تتسم بها السياسة الدولية، حيث تُستخدم الدول والشعوب كأدوات في صراعات القوى العظمى. أوكرانيا، التي أصبحت ساحة معركة جيوسياسية، تم توظيفها بشكل ممنهج من قبل الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، خاصة في مواجهة روسيا.


### الثورة البرتقالية: البداية

في عام 2014، شهدت أوكرانيا ما عُرف بالثورة البرتقالية، التي كانت بمثابة نقطة تحول في تاريخها الحديث. هذه الثورة، التي تم تأجيجها بدعم أمريكي واضح، شهدت مشاركة شخصيات بارزة مثل فيكتوريا نيولاند، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، والسيناتور الراحل جون ماكين، الذي ظهر في ميدان "مايدان" في كييف لدعم المتظاهرين. كانت الثورة مدعومة مالياً وإعلامياً، وهدفت إلى الإطاحة بالرئيس المنتخب الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش.


هذه الأحداث تذكرنا بما حدث في مصر خلال الربيع العربي عام 2011، عندما زارت هيلاري كلينتون ميدان التحرير لدعم المتظاهرين. هذه الثورات، التي أُطلق عليها "الثورات الملونة"، كانت جزءاً من استراتيجية أمريكية أوسع لتعزيز هيمنتها العالمية من خلال زعزعة استقرار الأنظمة التي تعتبرها معادية لمصالحها.


### أوكرانيا: أداة في مواجهة روسيا

بعد نجاح الثورة البرتقالية، بدأت أوكرانيا تتحول إلى أداة في يد الولايات المتحدة لمواجهة روسيا. تم استخدامها كوسيلة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ومحاولة إضعاف النظام الروسي بقيادة فلاديمير بوتن. على الرغم من محاولات بوتن لتوضيح حقيقة ما يجري، إلا أن السيطرة الأمريكية على الإعلام العالمي جعلت رسائله تبدو ضعيفة وغير مقنعة.


ومع مرور الوقت، بدأت العديد من الدول تدرك حقيقة ما كان يتم التخطيط له. فالثورات الملونة والربيع العربي لم تكن سوى أدوات لتحقيق أهداف جيوسياسية، حيث تم تدمير دول كاملة لتصبح فاشلة يسهل استغلال ثرواتها. العراق، ليبيا، السودان، الصومال، وسوريا هي أمثلة واضحة على هذه الاستراتيجية.


### زيلينسكي: ممثل على المسرح العالمي

في هذا السياق، يظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كواحد من أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام. ممثل سابق تحول إلى رئيس، تم تقديمه كأداة في يد الولايات المتحدة. تم تعظيم دوره وتضخيم غروره، مما جعله يعتقد أن شهرته تحميه من أي أذى. ومع تدفق الأموال دون رقابة، أصبح زيلينسكي جزءاً من خطة أكبر تهدف إلى إسقاط النظام الروسي.


### أوروبا: الضحية الأخرى

لم تكن أوكرانيا وحدها الضحية في هذه اللعبة. فالدول الأوروبية، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي الرخيص عبر خط أنابيب "نورد ستريم"، وجدت نفسها في موقف صعب بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على روسيا. هذه العقوبات، التي لم تكن مدعومة من الأمم المتحدة، أضرت بالاقتصادات الأوروبية أكثر مما أضرت بروسيا. ومع ذلك، استمرت الحكومات الأوروبية في اتباع السياسات الأمريكية، حتى بعد أن فجرت الولايات المتحدة خط أنابيب "نورد ستريم"، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا.


### الخلاصة

المشاجرة المفتعلة بين ترامب وزيلينسكي ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من الأحداث التي تعكس مدى قذارة السياسة الدولية. أوكرانيا، التي تم استخدامها كأداة في مواجهة روسيا، هي مجرد مثال واحد على كيفية تحويل الدول إلى ساحات معركة لتحقيق أهداف القوى العظمى. وفي النهاية، تدفع الشعوب الثمن، بينما تستمر اللعبة السياسية في الدوران.

تعليقات