احتلال رفح وتصاعد التصعيد الإقليمي.. مشاهد التهجير القسري والحشد العسكري الأمريكي تدق ناقوس الخطر
بقلم مختار أبوالخير
في تطور مفاجئ وسريع، أعلن مراقبون عسكريون، أمس، اكتمال السيطرة الإسرائيلية الكاملة على مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، بعد إخلائها قسراً من سكانها، في خطوة تُعتبر الأكثر خطورة منذ بدء العمليات العسكرية الأخيرة. وجاء احتلال المدينة عبر نشر "الفرقة 36 المدرعة" الإسرائيلية، أكبر فرق الجيش الإسرائيلي، والتي لم تُنشَط سابقاً في جنوب القطاع، ما يُشير إلى تحول جيوسياسي بإحكام السيطرة الإسرائيلية المباشرة على الحدود الشرقية مع مصر.
تفاصيل الخطة العسكرية: من التهجير إلى التقسيم
وفقاً لمصادر مطلعة، تهدف الخطة الإسرائيلية إلى تعزيز الوجود العسكري بوصول فرقتين مدرعتين إضافيتين خلال الساعات المقبلة، لفتح ممرات تهجير فلسطينية باتجاه سيناء، وسط تقارير عن حصر آلاف المدنيين في منطقة المواصي الساحلية جنوب غرب غزة، تمهيداً لترحيلهم نحو الحدود المصرية عبر مسارات بديلة، دون المرور برفح، في سيناريو يُذكِّر بسياسات التهجير القسري التاريخية.
المسرح الأمريكي: حاملات الطائرات والقواعد العسكرية كـ"ورقة ضغط"
في سياق متصل، تشهد المنطقة حشوداً أمريكية غير مسبوقة، حيث نشرت الولايات المتحدة 7 قاذفات قنابل من طراز B2 الشبحية في قاعدة "دييجو جارسيا" بالمحيط الهندي، بالإضافة إلى تعزيز وجودها في قاعدة "العديد" القطرية بأربعة آلاف جندي. كما تتجه ثلاث حاملات طائرات أمريكية نحو الشرق الأوسط، إحداها بالفعل في البحر الأحمر، والثانية في طريقها، والثالثة مُعلَن وصولها قريباً. ورغم التصريحات الأمريكية الرسمية التي تربط هذا الحشد بتهديدات إيرانية، يُرجِّح محللون استراتيجيون أن الهدف الأساسي هو دعم إسرائيل احترازياً ضد أي تحرك مصري عسكري لوقف مخطط التهجير، بينما يُستخدم التهديد الإيراني كـ"هدف تكتيكي" لتمرير الأجندة الإقليمية.
تحليل استراتيجي: الجبهتان المصرية والإيرانية في مرمى المواجهة
يُوضح الخبير الأمني الدولي د. أحمد المرزوقي أن المشهد الحالي يرسم سيناريوهين متصادمين: الأول يتمثل في احتمال تصعيد مصري رداً على اختراق الحدود الشرقية وتغيير المعادلة الديموغرافية، والثاني يتعلق باستغلال التوتير مع إيران لخلق ذريعة عسكرية موسعة. ويضيف: "الحشد الأمريكي ليس دفاعاً عن إسرائيل فحسب، بل ضماناً لعدم تدخل أي قوة إقليمية لتعطيل مشروع التهجير، الذي قد يُعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة".
خاتمة واستحقاقات وطنية:
في ظل هذه التطورات المتسارعة، تبرز أسئلة مصيرية حول مستقبل القضية الفلسطينية وحدود التنسيق الأمني الإقليمي. وفي الوقت الذي تُحذِّر فيه منظمات حقوقية من كارثة إنسانية مع استمرار التهجير، تُوجِّه الحكومات العربية ودول المحور الآسيوي والأفريقي دعوات عاجلة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن. أما على الصعيد الشعبي، فإن الدعوات تتصاعد لتعزيز الوحدة الوطنية ومساندة الجيوش والقيادات في مواجهة المخططات التي تستهدف الأمن القومي للدول المجاورة، في اختبارٍ حاسم لإرادة المجتمع الدولي وقدرته على فرض معايير العدالة.
هذا المشهد المعقد يؤكد أن معركة رفح ليست مجرد نقطة جغرافية، بل عنواناً لصراع وجودي تُعيد فيه القوى العظمى تشكيل تحالفاتها، بينما تُصارع الشعوب من أجل البقاء.
تعليقات
إرسال تعليق