القائمة الرئيسية

الصفحات


 تضاؤل الفرص وانتحار الشباب 


بقلم:هبة المنزلاوي 


ما يحدث في بلادنا من تزايد حالات الانتحار في الآونة الأخيرة وخاصة للشباب، هو نتيجة لغياب الوازع الديني لدى الشباب وضعف الجانب الروحي في نفوسهم، ولكن هناك أسباب واضحة تجمع بين أغلبية هذه الحالات وهي: الضغط المعيشي المتزايد ،وتضاؤل الفرص بالنسبة لهم ،وعدم قدرتهم على تأسيس حياة أسرية مستقرة ،وكثرة الأثقال الملقاة على عاتقهم ،وفقدانهم لقيمة الحياة ،وازدياد الضغط النفسي والعصبي المصاحب لذلك ،مما أدى إلى اهتزاز إيمانهم، وعدم التحكم في ذواتهم وفقدانهم للإدراك الواعي ،فهانت عليهم أنفسهم وزهقوا أرواحهم  التي هي ملك لله وحده، ليس هناك مبرر للانتحار مهما تعددت الأسباب مع العلم أن هناك بعض الحالات التي تعاني من مشكلات عقلية وهذا أمر آخر بينها وبين الله فإذا نظرنا إلى الظروف الواقعية التي قادتهم لمثل هذا الفعل سنجد أن المجتمع شريك في موت الكثير منهم، فكل من خذل إنسان ورفض مساعدته وكل قرار من أولي الأمر كان من شأنه زيادة الأعباء على الإنسان و كل أسرة لم تنجح في صيانة أبنائها وتركتهم للضياع و كل الظروف التي تحطمهم من البطالة وذل السؤال وانخفاض الأجور وارتفاع الأسعار والغريب أن الكثير منهم متعلمون ؛مهندس يلقي بنفسه من فوق سطح العمارة وشاب آخر ينتحر من أعلى برج القاهرة وينشر في بوست على الانترنت قبل الحادثة موصيا بعدم حضور أبيه لجنازته! يا ترى ما هي المشكلة الأسرية الكبيرة التي جعلته يقرر إنهاء حياته؟  مع العلم  أن هناك الكثير من هذه الحالات التي تعاني من ضغط وقهر أسري والله أعلم وآخر يلقي بنفسه من أعلى الكوبري بسيارته، كل هذا خلال أيام قليلة فما الذي دفع كل هؤلاء الشباب الذين تخرج معظمهم من كليات القمة إلى الانتحار؟! هل الجهل بالدين وحده؟! أم هناك جذور اجتماعية حطمت آمالهم وجو نفسي مشحون بالضغوطات والمعاناة فحتى لا نكون شركاء في الجريمة لابد أن نعالج هذه الجذور ونوفر لهم حق الحياة الكريمة على أقل تقدير ونستمع إلى شكواهم وطلباتهم وأن يعاملهم أولي الأمر بعاطفة الأبوة وليس بسيوف القرارات والمصالح ،فهم كانوا بشهادة من حولهم عقلاء يوما ما ! يفرقون بين الصواب والخطأ  فيا ترى ما الذي مروا به ؟! حتى نفذ صبرهم وفقدوا صوابهم واسودت الحياة في وجوههم وانكسرت ظهورهم ،فظلموا أنفسهم وألقوا بأرواحهم إلى التهلكة، فيجب على المجتمع أن يفيق من غفلته وأن تعمل كل الجهات والفئات مجتمعة، لاحتواء هؤلاء الشباب والحفاظ عليهم من الانهيار وتوفير الفرص الكافية لهم ومناخ معيشي مناسب تنمو فيه طموحاتهم ويساعدهم في بناء المستقبل وأن تقوم كل أسرة بواجبها نحوهم وألا تكون سببا في كرههم للحياة أو ظلمهم، فياليتنا لا نقهر الحلم بداخلهم ولا نستخف بآلامهم، ونفهم أن الحياة حق للجميع وأن هوان النفس على صاحبها ظلم عظيم، فيجب علينا توعية  شبابنا أنه ليس من حقهم إزهاق الروح التي أعطاها لهم الله ،فلن تخرج منهم إلا بأمره وعليهم أن يستجمعوا قوتهم  ويستردوا حقوقهم و يتمسكوا بالحياة مهما قست عليهم ،وإن أرادت الظروف قتلهم وقفوا في وجهها بإيمان وثبات يقولون:" إن الحياة حق لهم"،  وإن رد المظالم ورفع البلاء وجبر الخواطر ومدد الرحمن قادم لا محال،  حتما سننجح في الاختبار فهل تستيقظ ضمائر أولي الأمر وضمائر الشعوب؟!،خذوا بأيدي أبنائكم إلى الطرق الآمنة.

تعليقات