أين بناءُ الإنسان ؟!
بقلم:هبة المنزلاوي
تهتم مجتمعاتنا برفع الأبراج و إنشاء الطرق والكباري، وتطوير السكك الحديدية، ووضع برامج لتنفيذ مشروعات جديدة تهدف إلى الارتقاء بالبنية التحتية للدولة ، كل هذه الخطط التنموية من أسس نهضة البلاد واستقرار أوضاعها،، ولكنهم نسوا أن يرتقوا بالإنسان أولا!! نحن نعاني من ضعف المستوى الثقافي للشعوب كما أن الأجيال الجديدة تجهل تاريخ وطنها،
فالجيل الذي لا يعرف تاريخه فهو منعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه ، فلن يستطيع أن يفهم حاضره أو يخطط لمستقبله ويوجد خلل كبير أيضا في المنظومة القيمية والأخلاقية، وقلة الوعي الديني وإلا ما انتشرت جرائم القتل والسرقة وغيرها من الجرائم التي من شأنها تهديد أمن المجتمع ، على جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية أن تهتم بتوعية الإنسان وتنمية مستواه الثقافي والفكري ،كي يكون قادرا على اتخاذ القرارات الخاصة بمستقبله ومستقبل بلاده ، كنا نعتقد أن الجهل هو جهل بعدم التعليم بالمدارس فقط بل أصبح الجهل لصا قريب من كل فرد أيا كان مستواه التعليمي، يسرق منك حريتك ، فأنت لن تكون حرا في اختياراتك إلا وإذا كنت تعرف هويتك الثقافية جيدا ، وكنت على علم بما يحدث حولك وكذلك تعرف تاريخك حتى لا يتحكم فيك أحد ولا ترضى بشيء من شأنه تقييد حريتك وسلب حقك في المشاركة السياسية والاجتماعية أيضا ، إذا أردت أن تحسن اختياراتك فعليك أن تنمي عقلك وتزود ذاتك بوقود الثقافة والمعرفة ،فأين نحن من هذا ؟! ألم تعلم إذا أراد أحدٌ هدم مجتمع وفرض سيطرته عليه ماذا يفعل؟! ، يجرده من هويته الثقافية وأخلاقياته ويضع العقول في قبضة يده ، وهذا ما حاول الاستعمار فعله معنا ، وهو تسريب ثقافته الغربية لنا وتحطيم هويتنا الثقافية ، أصبح الآن أسهل طرق لاحتلال وطن هو الاستعمار الثقافي أولا بالإضافة إلى الاستعمار الاقتصادي وبالتالي أصبحت البلد محتلة سياسيا!!! ، هذه هي الحرب الباردة ، حرب العقول وأصبح المنتج الأكثر تنافسا في العالم هو المنتح الثقافي والفكري ، ويؤسفنا أننا فرطنا في حقنا في المعرفة وإبطال مخططات التحكم في عقولنا ، فكيف تخططون للمشروعات وقد تركتم الإنسان يفتقر إلى كيانه الثقافي والمعرفي ليكون عضوا فعالا في المجتمع؟! ، له آراء ووجهات نظر من حقه أن يعبر عنها ، كيف تهتمون بالجماد وتهملون الإنسان ؟! الذي خلقه الله كي يحيا مفكرا ،مستخدما عقله لتعمير هذه الأرض ، تعليم المدارس أصبح إعدادا لاختبارات نهاية العام الدراسي وليس لتزويد العقول بالعلوم والمعارف الحياتية مما ينمي العقول ومهاراتها الثقافية ، وهناك مجتمعات عربية لا اهتمام فيها بالبنية التحتية أو الإنسان!! وهذه هي الكارثة الكبرى لا جماد ولا إنسان؟! فأين الضمير من حق هؤلاء في الحياة وبناء المستقبل ؟!
، نحن أصبحنا نتعامل بجهلنا لا بفكرنا مما جعل الآخرين يطمعون فينا ويحققون أهدافهم بالصعود على ظهورنا!! سوف نظل مجتمعا يقدر الأسفلت الذي يمشي عليه بحذائه ويهمل العقل الذي من المفترض أن يفكر ويعمل به وأن يحقق كيانه ورفاهيته من خلال معرفته الواعية ، أن يكون لدينا وطن يمتلك بنية تحتية متكاملة ومتطورة فهذا إنجاز كبير ولكن أن يكون لدينا عقول ترتقي بهذه الانجازات وتدير شئونها فهذا أعظم ،
الإنسان هو الذي تُبني به الأوطان وليس العكس ,فحافظوا على أساس العملية الإنتاجية يصلح المنتج وتزداد جودته ،فمؤسسات المجتمع المدني عليها دور هام في عملية التثقيف وتطوير العقول ،وتهذيب سلوكيات الإنسان ووضعه على المسار الفكري الصحيح من خلال حملات التوعية والمبادرات اللازمة والورش والدورات الثقافية المختلفة وفتح دور العبادة لبناء لإعادة تأهيل الشباب روحيا ومراجعة أخلاقيات الدين والقيم المجتمعية حتي يكون مبدعا في إنتاج أفكاره وتكوين آرائه ويحصل على حريته الكاملة في ذلك لرسم خريطة المستقبل، مراعيا لله ،محافظا على إخلاصه وصدقه ويقظة ضميره ، فإن ضاعت المجتمعات تأكدوا وقتذاك أن عقولها قد احتلت ولذلك أصبح استغلال الأرض هدفا سهلا، كما أن تقديم الرعاية الصحية الإنسان ، يضمن بقاء المجتمع قويا فإلى متى سنظل نهتم بالدعاية والإعلان عن القرى السياحية بعشرات الملايين ، وننسى أن هناك حالات حرجة تنتظر مساعدة كل مؤسسات المجتمع حتى تعود إلى حياتها الطبيعية مرة أخرى بمشيئة الله؟! ، كان الأحرى أن نعمل ليلا ونهارا لإنقاذ قائمة الطوارئ كي لا تصبح حالة حرجة واحدة على قيد الانتظار و نعلن عن أوضاعهم الصحية واحتياجتهم حتى لا ينساهم المجتمع ،، ولا تسأل من تقدم له الخير والمساعدة أنت من؟ حتى لو كان يجهل أمه وأباه وبلا مأوى ؛فهو إنسان!! فبناء الإنسان فكريا وصحيا ، هو الذي سيحقق نهضة الأمة.
تعليقات
إرسال تعليق