القائمة الرئيسية

الصفحات


قبلَ أن تتباكوا علي انهيار الأخلاق


محمود الهندي


هو واحدٌ من الموضوعاتِ التي قتلها البحثُ ، حديثُ الصباح والمساء ، الأسرةُ المصريةُ إلي أين ؟ لماذا تنهار،  يوماً بعدَ يوم ، منظومةُ القيم والأخلاق ، وتتهاوي ثوابتُ المجتمع ، ويُصيبُ العَطَبُ ثروةَ الأمةِ الحقيقية ، وهي الأُسرةُ المستقرة .


أجيبُكم يا سادة ، والقلبُ يعتصرُ ألماً ، والعينُ تغالبُها دموع الأسي  ، أجيبُكم  : لأن الكذبَ أصبحَ السلعةَ الرائجة ، والتنصلَ من المسئولية ، أصبحَ البطولةَ التي يُفاخرُ بها أصحابُ النفوسِ الضعيفة .


ولأنني واحدةٌ من معشر النساء  ، التي أوصي بها ربُنا سبحانه ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وأوصي بها رسولُه الكريم صلي اللهُ عليه وسلم ، فقال : ( ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) وقال : (رفقاً بالقوارير ) وقال :


 

(استَوْصُوا بالنساءِ خيراً  ) لأنني واحدةٌ من هؤلاء ، أري أن  العِشرةَ لم تكنْ بالمعروف ، فلا النساءُ كُرِمت ، ولا الحماية ُ من الإهانةِ تحققت ، ولا ترفقَ بها مَنْ تركت أهلَها من أجله ، وسعت واجتهدت لراحتِه  !! 


تلك التي كانت في بيتِ أبيها ، ملكةً متوجة ، تتركُ الحياةَ الآمنةَ المستقرة ، لتتزوجَ ، وتتحولَ إلي خادمة( بوثيقة زواج )  و مُربية ( بالسُخرة ) تُعلم وترعي وتُداوي ، وتسهر الليالي ، تعيشُ حياتها لتُرضي إنساناً ، كان لزاماً عليه ، أن يتقي اللهَ فيها ، وأن يكونَ سنداً وظهراً ، مودةً ورحمة ، لا سيفاً مُسلطاً ، بلا رحمة ، علي إنسانة ، كلُ خطيئتها أنها كانت مُخلصةً ، تبحثُ له دوماً عن السعادة ، تلك السعادةُ التي لم تعرفْ طريقَها يوماً إلي قلبِها ، بعدَ (وثيقة العبودية ) التي أرادها اللهُ زواجاً ، وأرادوها هم استعباداً !! 


ياسادة ، الرجولة موقف ، وليست نوعاً ..

ياسادة ، إنما تُقاسُ حضارةُ المجتمعات ، بحُسنِ معاملة المرأة .


ثم يأتي أبغضُ الحلال ، لكنه يبقي حلالاً ، إذ لا خلاصَ من الذُل والمهانة ، إلا به ، للأسفِ الشديد .


ورغمَ أن الأصلَ فيه ( أو تسريحٌ بإحسان ) فلا نري فيه أيَ وجهٍ من وجوهِ الإحسان ، يأتي الطلاقُ ليكونَ البدايةَ لنهايةِ حياة ، وبدايةِ مأساة ، فالفضل يُنسي ، والعِشرةُ تُداس بالنعال ،  والمستور يُفضح  ، والإيذاءُ النفسيُ ، يتخطي حدودَ العقل ، والأيدي تمتدُ لتلطم وجهاً كرمه الله ، وربما تمتدُ أكثرَ ، لتكسرَ عظاماً ، كانت تقف أياماً وليالٍ علي خدمته .


 ثم تعودُ تلك الخادمة ، إمرأةً  كُتِب عليها القتال ، وهي له كارهة ، فالمحاكمُ في جلساتٍ متواصلة  ، والأحكامُ تأتي بطيئةً ، أولا تأتي علي الإطلاق ، وفي الغالبِ الأعم ، يحتالون عليها ، كي تبقي حبراً علي ورق ، هذا إلي جوار المساومات الرخيصة ، للتنازل عن الحُقوق المشروعة !! وتبديد وتحطيم المنقولات ، التي جاءت تحت مُسمي ( نحنُ نشتري رجلاً )  والتزوير في المستندات ، ليبدو الدخل الشهري للأب ، علي غير حقيقته تماماً ، وبالتبعية لا يصلُهم منه إلا الفُتات ، الذي لا يسدُ جوعاً ، ولا يفي بغرضٍ ، ولا يصلح لا رقاً ولا طاراً كما يقولون .


كلُ ذلك ، والزوج تمضي حياتُه باحثاً عن فرصةٍ أُخري ، أو ضحيةٍ جديدة ، بينما هي تخرجُ من المحاكم والقضايا ، التي لا تنتهي  ، لتعودَ لسابق عهدِها ، خادمةً ومُربيةً بالمجان ، بل ومسئولةً وحيدة عن أُسرة بأكملِها ، تجري وتسعي وتجتهد ، بلا سند ، ولا ظهير ، غيرُ مسموحٍ لها أن يتوقفَ عطاؤها ، أو حتي يتأخر ، كلُ هذا في أجواءٍ صاخبة ، وحياةٍ متوقفة  ، مع آمالٍ معدومة ، ومستقبلٍ لا يُري فيه بارقةُ أملٍ واحدة .


وبعدَ انتهاءِ الحضانة ، ولما يشتدُ عودُ الأبناء ، ويُخَيَرون ، لو اختاروا الأم ( التي افنت حياتَها من أجلِهم ) يتم طردُهم من المَسكن ( المأوي ) !! فالمطلوب أن يتسلمَ الأبُ  بضاعتَه جاهزةً ، تسرُ الناظرين ، ليحكيَ ويقصَ لهؤلاء الأبناء ، كيفَ كانت حياتُه مظلمةً بدونِهم ، وأنه بذلَ المستحيلَ ، حتي يحتفظَ بهم ، ويُحافظَ عليهم ، وسامحَ اللهُ مَنْ كان سبباً في هذا الحرمان !!نعم يقولُ هذا ، ويظلُ يكذب ، حتي يصدقَ نفسَه ، دونَ أن يتحركَ ضميرُه ، أو تتأذي مشاعرُه ، هذا الذي حَرمَ أبنائَه ، لينتقمَ من أمُهِم ، وتخلي عن كلِ مسئولياته ، في وقتٍ كانوا أحوجَ ما يكونون إليه .


وهكذا يا سادة ، تكونُ مكافأةُ نهايةِ الخدمة ، المزيدَ من الإذلال ، وضياعِ كلِ الحقوق .


ثم تعودون لتسألوا : أينَ الأخلاق ؟ أينَ تماسكُ المجتمع ؟ ماذا أصابنا ..؟ 


أسألُكم أنا أولاً ، قبلَ أن تتساءلوا : أينَ الرجولةُ  ؟ أينَ الشهامةُ ؟ أين العدلُ ؟ أينَ الإنصافُ ؟ أين إغاثةُ الملهوف ؟ أين الأخذُ علي يدِ الظالم ؟! 


ابحثوا عن هذهِ الأمورِ جميعاً ، قبلَ أن تتباكوا علي مكارمِ الأخلاق .


 

تخيلوا معي أن المرأةَ القادرةَ تُعاني ، فما بالُنا بالمرأةِ المسكينة المقهورة المُعدمة ، التي أُكلت لحماً ، ورُميت عظماً ، أين تذهب ؟ ولِمَنْ تلجأ ؟ ومَنْ يُجيرُها ..؟


 

انتبهوا أيها السادة ..

الوضعُ خطير ..

والجُرحُ غائر ..

والنتائجُ كارثية ..

اتقوا اللهَ في الضِعاف ، اتقوا اللهَ في المرأةِ وأطفالِها ، 

غيروا القوانينَ الظالمة ..

التي ضيعت الحقوقَ ، وحطمتِ القلوب  ..

انتصروا للحق .


حققوا العدل ، فاللهُ تعالي من أسمائِه الحُسني ( العدل )

اضربوا بيدٍ من حديد ، علي كل عابثٍ مستهتر ، لا يُقيمُ وزناً لاُسرة ، ولا يرعي لزوجِه وأبنائِه حُرمة .


علموا أولادَكم أن إكرامَ المرأةِ من شيمِ الكرام  ، إن استقامت حياتُها ، استقامت معها الدنيا كلُها ..

علموهم أن قوامةَ الرجلِ  علي المرأة ، تعني مداومةَ القيامِ علي رعايتِها ، لا البطشَ بها .


علموهم أن الرجلَ في الأساس ، تربيةُ إمرأة ..

علموهم أن هناك رباً خالقاً ، جلتْ قدرتُه ، حرمَ الظلمَ علي نفسِه ، وجعله بينَ العبادِ مُحرماً ، و قد خاب من حمل ظُلماً .. 

علموهم أنه قد يكونُ من السهلِ الهروبُ من محكمةِ الدنيا ، لكن من المستحيلِ الهروبُ من محكمةِ ربِ العالمين ، محكمةٍ عنوانُها ، ولا يظلمُ ربُك أحداً ..

عندئذٍ فقط ، تستقيمُ حياتُنا .. 

تعليقات