القائمة الرئيسية

الصفحات

إن لم تدركوا هذا الجيل..فلا أجيال قادمة تحكمها الاستقامة


إن لم تدركوا هذا الجيل..فلا أجيال قادمة تحكمها الاستقامة


بقلم/احسان باشي العتابي 


في بلدان الكفر والتحرر ،كما يحلو (للمؤمنين الورعين الاتقياء الأنقياء )تسميتها ،ممنوع منعًا باتًا بحسب قوانينهم، على الأنسان القاصر في العمر مزاولة أي فعل، من التي يسمح فيها للبالغين ،من قبيل التدخين وشرب الكحول فضلًا عما هو أكبر منها.


بينما في عراق " الإيمان والتقوى والمراقد وبيوت الإله متعددة المسميات والتوجهات " ، ورغم أن المنع منصوص عليه في الدستور العراقي كما سأبينه لاحقاً، ليس بخصوص محاسبة الأشخاص القاصرين في العمر بممارسة بعض الأمور التي نوهت لها في تلك البلدان، لإننا لم نصل بعد لهكذا مستوى من المتابعة المؤسساتية الحكومية تجاه السلبيات التي تصدر هنا أو هناك ،بل أتحدث في " عدم السماح لعمالة القاصرين في العمر ".


فهل رأيتم كارثة أكبر من تلك ؟ فمن ينعتون بالكفر والإلحاد والانحلال ، يحافضون على أطفالهم وشبابهم حتى يبلغوا بحسب القوانين ، ليكون احراراً في تصرفاتهم وبما ينسجم مع قوانين بلدانهم تلك ، بما يخص ممارسة الحريات الشخصية للفرد ،ومن يدعون الإيمان والأخلاق الفاضلة ، نجد أطفالهم وشبابهم أما يفترشون الشوارع والأزقة والتقاطعات لطلب المعونة ، أو ينحرفون بشتى الاتجاهات التي تؤدي إلى ضياعهم.


ولو تصفحنا بنود الدستور العراقي ، لوجدنا في/الباب الثاني/الحقوق والحريات/الفصل الأول/الحقوق/الفرع الأول/الحقوق المدنية والسياسية/المادتين 29 و 30…


المادة 29


أولاً

الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية ، تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.


ثالثًا:

يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة، وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم.


المادة 30


أولاً

تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الطفل والمرأة ، الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة ،تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.


لكن للأسف الشديد نشاهد وبأم العين كل ما يخرق تلك النصوص القانونية التي تنص على " عدم السماح بعمالة القاصرين "قائم على قدم وساق ، والمؤذي فيه حقيقة هو عمل البنات القاصرات ، تارة كراقصات في الملاهي الليلية ، والرقص مجرد وسيلة لغاية أخرى لا داعي لتبيانها لانه معلومة للجميع ، وكذلك استقطاب أخريات لأماكن أخرى ، تحت عناوين أعمال ومهن هي جميعاً ، مجرد غطاء لذات الغاية في اللواتي تعمل في الملاهي.


ما دفعني للتركيز وبوجه الخصوص على " عمل البنات القاصرات "، رغم وجود حالات تشرد وضياع كثيرة يندى لها الجبين تصادفنا جميعاً ، هو لعظم خطرها الاجتماعي علينا ككل ، لإنه تدمير شامل للمجتمع العراقي آنيًا بل ولأجيال متعددة لاحقة ؛ والذي نتيجته المتوقعة هو تدميراً للبلد مع سبق الإصرار . لإن "البنت" في يوم ما ستحمل عنوانًا كبيرًا وعظيمًا بل ومقدساً وهو عنوان " الأم " فأين نحن اليوم من قول الشاعر حافظ إبراهيم " الأم مدرسة إذا أعددتها ،أعددت شعباً طيب الأعراق"؟!


قد يعترض البعض قائلًا "استفحال تلك الحالات ،تارة سببها تهاون الأهل بتربية أبناءهم وعلى وجه الخصوص البنات، وتارة أخرى التفكك الأسري التي تعددت أسبابه".


وجوابي هو الآتي:مهما تكن مقصرية العائلة تجاه أبناءها ، تبقى الدولة والحكومة هي "الراعي المنقذ " لكل فرد من أبناء البلد ، فيما إذا ساءت ظروفه الاجتماعية وعلى كافة المستويات ، وعلى رأسها إنقاذه من الضياع ، الذي قد يتسبب فيه تهاون الأهل تجاهه بأي شكل من الأشكال كما أسلفت.


ودون التطرق لأسماء ، حتى لا يعتقد البعض إني أروج لها بهدف معين ، فإننا لو أمعنا النظر حولنا ،لشاهدنا أمثلة عديدة ، لأشخاص دفعهم حب الإنسانية اولاً والعراق ثانيا ، لتحمل واجبات الدولة آنفة الذكر ، والتي نص عليها الدستور العراقي إزاء المواطن ، حيث أخذوا أولئك الشرفاء من العراقيين على عاتقهم وبجهود ذاتية ، تقديم يد العون لمن جعلتهم الظروف مشردين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.


إذ نجحوا في مساعيهم تلك ، باحتوائهم الكثير وبمختلف حالاتهم ، بخاصة القاصرين منهم في العمر ، وجعلوا منهم أشخاصًا جدد ، بعد معاناة الضياع والتشرد ؛ بما يؤكد إنهم سيكونون مواطنين صالحين في بلدهم مستقبلًا. 


وتبقى لدي تساؤلات تحتاج لإجابات…


أين القانون العراقي من تلك الخروقات الواضحة والعلنية؟! هل يعقل أن القانون يخرق بيد من يجب أن يحافظ هو على تطبيقه ؟! 


هل يعقل أن امكانيات أفراد بسيطة ومتواضعة ، تفعل ما لا تتمكن من فعله إمكانيات دولة بأكملها؟!


أين دور زعماء القبائل وشيوخ العشائر الأصلاء ، إزاء تلك الظواهر المعيبة والمستهجنة ،التي باتت لا تمس الشرف العراقي فحسب ،بل تمس منظومة القيم والأخلاق الرفيعة ،التي طالما تغنى بها العراقيون وعلى رأسها الغيرة والحمية ؛ والتي تيقنها القريب والبعيد والصديق والعدو فينا كعراقيين.


لهذا أوجه ندائي ورجائي إلى..

المؤسسات الحكومية المعنية ،مؤسسات المجتمع المدني ، أمراء القبائل وشيوخ العشائر والوجهاء ، المثقفين والأكاديميين ،كل عراقي وطني غيور " أن يتخذوا اللازم إزاء تلك الظواهر صلب الموضوع هذا".


تعليقات