وكيل الأزهر : الضمانة الحقيقية للرقي والتقدم أن ينضم الإيمان بالله إلى العلم
محمود الهندي
قال فضيلة أ.د/ محمد الضويني ، وكيل الأزهر، إن "المؤتمر الدولي السنوي الأول لكلية طب البنات جامعة الأزهر بالقاهرة؛ والذي يناقش آليات التميز في تقديم الرعاية الصحية"، تجتمع فيه معان متعددة، فهو مؤتمر علمي متخصص، يقدم دليلا عمليا على أن الأزهر متفاعل مع معطيات العصر، ويثبت أن الانتماء للأوطان ليس بالشعارات، وإنما يكون بالعطاء المتواصل والعمل المستمر، وهذا هو منهج الأزهر الذي يعلي من قدر العاملين في وقت يحتاج فيه الوطن لكل نفس لاستكمال مسيرته نحو التقدم.
وبيّن وكيل الأزهر أن هذا المؤتمر العلمي المواكب للعصر يثبت أن الأزهر مبدع في فهم رسالة الإسلام وتطبيقها؛ فلم تقف رسالة الأزهر عند بيان الأحكام الشرعية من حلال وحرام، وإنما جاءت -كما أراد الله- علاجا عميقا للروح والبدن، وللعقل والقلب في نسيج متفرد يربط الدنيا بالآخرة، وإذا كان واقعنا يؤكد أن العلم هو الذي يرفع المجتمعات أو يضعها، فإن الضمانة الحقيقية للرقي والتقدم أن ينضم الإيمان بالله إلى العلم، ونسأل الله أن يعين مؤسساتنا على الوفاء لأوطاننا بالعلم والإيمان معا.
وأوضح الدكتور الضويني أن مراجعة الذات والوقوف على حالتها، والنظر إلى الخبرات المختلفة المحلية والعالمية من عوامل التقدم الحقيقي، وكل إنسان لا يستغنى عن التعليم عمره كله؛ ذلك أن مجريات الحياة وسرعة تطورها وسيولة المعلومات، وكثرة الأمراض والفيروسات وتحوراتها جعلت التعلم المستمر ضرورة، وإن المحافظة على كفاءة الأطباء تحتاج مع التعلم الذاتي إلى برامج هادفة ومنظمة تضمن لهم التعليم الطبي المستمر مدى الحياة بحسبانه مطلبا أساسيا؛ ليحافظ على الكفاءة العلمية والعملية اللازمة لممارسة المهنة، فيعزز قدراته من ناحية، ويلبي احتياجات المرضى من ناحية ثانية، ويسهم بفعالية في نشر الأمن الصحي وبناء وطن قوي من ناحية أخرى.
وأكد وكيل الأزهر أن مهنة الطب مهنة إنسانية لا تتوقف معارفها عند سنوات الدراسة الأولى، بل إنها تستمر مع الطبيب عمره كله، وإن هؤلاء الأطباء الذين يطلبون المزيد من العلم هم في واجب إيماني ووطني، أما الواجب الإيماني فلأن «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما؛ إنما ورثوا العلم، فمن أخذه، أخذ بحظ وافر»، وأما الواجب الوطني فلأن الأوطان تحتاج إلى العلم النافع الذي يكون به التقدم والريادة، ثم لأن المعارف الطبية والخدمات الصحية في تطور مستمر في كل ما يتعلق بها من مناهج وطرق تدريس ومعايير قياس.
واستعرض وكيل الأزهر أهم الملامح العلمية للمنهج الأزهري الأصيل في ظل العولمة التي تعمل على إثبات نموذج واحد ومحو ما عداه، وذكر أن من أهم ملامح هذا المنهج:
أولا: المناقشة والحوار المصحوبان بالأدب وحسن الخلق، دون تعصب؛ فللطالب حق المناقشة وإبداء الرأي، وفي ظل هذا المناخ العلمي المتسامح ازدهرت المعرفة الأزهرية، وروت أنهارها أقطار الأرض من حولها.
ثانيا: التخلق بأخلاق المهنة، فالنجاح الحقيقي لا يقاس بعدد الساعات أو العمليات الناجحة فقط، بل يتسع الأمر ليشمل المنهج الأخلاقي الحاكم، وليس مهما أن تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار البارعين في تشخيص الأمراض وعلاجها ما داموا يستغلون المرضى، فأخلاق المهنة أعلى من كل مكسب مادي دنيوي.
واختتم وكيل الأزهر كلمته أن الواجب على المنشغل بالمعرفة ألا يرى أنه حاز العلم جميعه، بل هو في حاجة حقيقية إلى تعلم مستمر، وفي هذا يقول أبو الطب أبقراط: «ليس معي من فضيلة العلم إلا علمي بأني لست بعالم»، فالتعليم المستمر هو السبيل إلى التنمية الحقيقية، وهو المحرك الرئيس للتنمية المستدامة، وهو طريق المستقبل للمجتمعات، مؤكدًا أن أبناء الأزهر المخلصون يثبتون أن الأزهر لم يكن يوما منغلقا على نفسه، ولم يكن يوما جامدا أو غير متفاعل مع الحراك العلمي العالمي، وسيظل أبناء الأزهر البررة يتحملون الأمانة بحب، ويعبرون عنها بالحكمة والموعظة الحسنة.
جدير بالذكر أن المؤتمر الدولي السنوي الأول لكلية طب البنات جامعة الأزهر بالقاهرة؛ لمناقشة آليات التميز في تقديم الرعاية الصحية، يقام تحت رعاية الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبحضور الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عادل عدوى وزير الصحة الأسبق، والدكتور يوسف عامر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ.
تعليقات
إرسال تعليق