ناسكةٌ رهينة الهذياناتِ
سامية خليفة /لبنان
رسمتُ للحبِّ ابتكارات لأمانٍ فارغاتٍ،
قلّمتُ اليباسَ من الأحلام واليقظة،
حاربتُ حمّى الشُّكوكِ فما شفيتُ،
حتّى اشتدتْ عليّ الهذيانات...
لمحتُكَ من بعيدٍ ظلّا يتوارى،
مخلِّفا سنينَ عجافٍ آتية.
بترتُ من عمري كلَّ العمرِ
وهأنذا أراني المسجّاة
ما أنا إلّا بجسدٍ متحرِّكٍ
على صفحةِ الحياةِ
جفَّ النّسغُ من نبتةِ الصَّبرِ
فأهلْتُ فوقَها التُّرابَ
مذ خذلَتْني مرآةُ حقيقتِكَ
وسرقَتْ مني الأمنيات
جسدٌ عقيمٌ أنا
تقطّعتْ فيه أوصالُ الرّجاءِ
فبات نثارا وهباء،
يحكي للنّجومِ السائراتِ
عن حبٍّ كوى الأضلعَ،
فخلَّف الأحزانَ والآهاتِ
اغتنيتَ بإذلالي
حتّى صرتَ الملك
أنا المتوّجة على عرشِ الحكاياتِ
جردْتَني من الأمجاد
كلّلتَ رأسي بإكليلٍ من الأشواكِ.
لو تدرك عددَ النّدوبِ التي تركتَها
في قلبٍ تمزّقَ فيه الشّغافُ
وتقطعتْ فيه نياطُ الوتينِ
من فرطِ أحزاني
ومن وقعِ الملمّاتِ!
أداري المواقفَ في تحدٍّ
في انتصاراتٍ كذوبةٍ تغطّي
تحتَها تجاعيدَ انهزامات
الرّوحُ تبكي في صمتٍ كئيبٍ
والجسدُ المخضَّب بالقانيِّ
يتلوى في رقصٍ على جمرات
لا تظنّن أن الرّقصَ من هواياتي
ما الأحمرُ لونُ الفرحِ في تاريخِ حياتي
إنّما هو دماءٌ تنزفُ من الجراح
وما البسماتُ الممسّداتُ
هي حقيقةٌ تعلو خدَّيَّ
إنما هي الأقنعةُ في مواربة
الصورة أمامي
أنا الغريقةُ في لججِ الضَّياع
أتوهُ في عينيكَ لعلَّ فيهما نجاتي
وحين يشتدُّ بيَ الغرقُ
تُقبِّلُ شفتايَ المزرقّتانِ
شفتيك القرمزيَّتين
ها أني أستعيرُ الأنفاسَ
من أنفاسِكَ في تقطع
وأنا المتخبِّطةُ في غرقي واختناقي
ها هو ذا الخذلانُ يدمى معصميَّ
ها هو ذا الضّبابُ يلفُّ منكبيَّ
ويرميني في أتونٍ من جمر
أنتَ موطني أنتَ كياني فكيفَ عنّي ترحلُ
أنا التّائهةُ أبحثُ في زوايا الأمكنةِ
عن أثرٍ تركتَهُ
أو عن قبلةٍ مؤجَّلةٍ
تعتكف في محرابِ نسكي
فؤادي المعتصمُ بحبلِ الرَّجاء
حوَّلَ محرابي إلى قصيدةٍ
وصلاتي إلى دعاءٍ
ناسكة أنا
تخمّرَ الحبُّ في وجْدي
فأمسيتُ رهينةً
من قال أن خمرةَ الحبِّ حرامٌ
حلالٌ أن أموتَ طافحةً سُكرًا
باشتعالات الهذيان
تعليقات
إرسال تعليق