رماد الحضارة سر أغوار الفوضى الخلاقة دلائل وبراهين!!..
بقلم : طلال مرتضى
فيينا/كاتب عربي
فيما لو أمعن قارئ "رماد الحضارة" مليا لاستنبط من معطى العنوان العالي بأنه يقرأ منجز تتبدى تفاصيل مكنوناته من النقطة "ب" أي نقطة النهاية، لكون الرماد هو نتيجة نهائية لفعل تصادمي.
هذا كمدلول لحظي يتم الدخول للمضامين من خلاله بتخفف، كون صاحب العنوان لم يرد مواربة القارئ، كما كتاب الأدب والذين يجهدون لإخفاء مفاتيح أفكارهم، وهذا من باب قناعته الكلية بمعطى أن الحقيقة لم تعد غائبة عن الكل، وان كم الوعي عند قارئه يجعله قادرا على استشفاف ما يدور في فلكه.
عن "دار الرحاب الحديثة" البيروتية للطباعة والنشر، صدر خلال الأسابيع المنصرمة، كتاب "رماد الحضارة" كعنوان عالي يندرج تحته عنوان فرعي (سبر أغوار الفوضى الخلاقة) للباحث السعودي د. أحمد بن سعد آل مفرح.
وللمصداقية المطلقة وكوني قارئاً متابعاً، أشي بأن العناوين التي طرحت في هذا الكتاب وبتلك الشفافية لم يتناولها أي كاتب منشغل بالهم والفكر السياسي العالمي، والشفافية هنا التي عنيتها، تلك المسميات "العناوين" الحقيقية، والتي تناولها من دون اصطفاف إلا للحقيقة، وبمعنى أعم لم نقرأ من قبل هذه العناوين لكاتب خليجي ومحسوب على الوسط الرسمي لكونها "تابو".
الدكتور أحمد لم ينصرف فقط في هذا المنحى لتقديم التفاصيل على حقيقتها المطلقة فحسب بل ذهب لوضع كل الأوراق على طاولة النقاش، ليكون كل شيء جلي وواضح أمام قارئه. فالكتاب يشرح وبإسهاب كل ما اندرج تحت سقف "الفوضى الخلاقة" كمصطلح يتم تداوله سياسيا، فالمعطى الدلالي لقولي في المقدمة، وحول النقطة (ب) من الكتاب إلى نقطة النهاية (أ) أتت كشرح مبسط لفكرة الكاتب التي انتهجها أو أسلوبيته في بناء الكتاب، الذي سلسله على تسعة طوابق "فصول" تم بناؤها وفقا للتواردات الطبيعية للأحداث السياسية التاريخية بما لها وما عليها.
وهذا لو عكسنا النقطتين "ب" النتيجة و "أ" البداية لوجدنا ألف البداية اختارها الكاتب منذ قيام "الحروب الصليبية" حتى النقطة باء والتي تتمثل بالشعار الذي أطلقته وزيرة خارجية الأمريكية وقتذاك "كوندليزا رايز" "الفوضى الخلاقة" والتي أنتجت وحسب قول الكاتب وبتصرف، ربيعاً أصفر الأوراق.
ولان الفروقات للأحداث السياسية والتاريخية التي أوردها الكاتب كانت متباينة زمنياً، قام الأخير برسمها بيانيا تتمحور على شكل نقاط علام لكل نقطة تحول، ومن ثم شرح كل ما يندرج تحت هذه النقطة وبشكل منطقي.
فالفصول التسع التي ضمنها الكاتب لتكون بوابات عالية لكتابه وخارطة طريق يسلكها القارئ من دون التخبط والوقوع في شرك الضياع القرائي، منذ الفصل الأول والذي اعتبره الكاتب دليل أولي لمنجزه والذي رقنه تحت "استرجاعات تاريخية" والذي أراه في ذات الوقت مدخل تال للمعنون الثاني "الاستعمار الحديث" وجه مشئوم آخر.
لتنفتح بعد ذلك كل الأبواب الأخرى وعلى مصاريعها والذي عنى كاتبها بتقديم تفاصيل دقيقة لا يتم تداولها غالبا، مدموغة بالأدلة والبراهين، ولعل أهم فصول الكتاب تشويقا مخبوءة في فصله الخامس "الإرهاب" ولربما أراد الدكتور أحمد من الفصول السابقة أن تكون الأبواب المفتاحية لهذا الفصل بالذات، والفصول الأخرى حامل مثل، "الاسلاموفوبيا واحتواء الإسلام" و"أدوات احتواء الإسلام" و"إلى أين المسير" وهو من الفصول المثيرة قرائيا، حيث يقارب الكاتب ما يدور في فلك السياسة العالمية، ويتناول من خلاله الخيوط التي المهمة في اللعبة السياسية من خلال شرح المعونات التي جعلها كمدخل أخر يطل من خلاله على فصل "حكومات العالم الخفية"، "بروتوكولات حكماء صهيون"، "العقيدة"، إلى فصل "المخطط وتطبيقه" بين قوسين ( أذرع التنفيذ الحديث).
فباعتقادي أن جل فصول الكتاب لم تكتب لقارئ عادي يتناولها بعجالة، فكم المعلومات التي ضخها الكاتب وكثافتها الجلية، تستدعي قارئاً خاصاً، قادرا على استشفاف ما وراء كل معلومة، وكما أسلفت بأن تلك المعلومات لم تأتي على محض المصادفة أو إن الكاتب خمنها بناءاً على تسلسل الأحداث الكبرى التي قرأنا عنها أو عاصرنا تداعياتها على أرض الواقع.
فالمحتوى الضمني للكتاب هو خلاصة تجربة دراسية أكاديمية طويلة تدرجها الكاتب قرائيا في عدد كم جامعات الغرب ومن خلال ممارساته العملية في المناصب التي تبوءها بالقرب من مصدر القرار السياسي العالمي "أمريكية وأوروبا".
ما أريد أن أفضي إليه في نهاية هذا التقديم إن صحت التسمية، بأن "رماد الحضارة" ككتاب قيم من حيث ما يكتنز، يمكن الاعتداد به كمرجع مهم لمنظري التحليلات السياسية ومنجز يقدم الوقائع بالبراهين ولم يستشفها أو يتكهنها، بعيدا عن قصة الاعتماد عليه كمرجع إسناد لطلبة العلوم السياسية والتاريخية.
الكاتب في سطور:
الدكتور أحمد بن سعد آل مفرح، تلقى الكاتب تعليمه العالي في عدد من الجامعات الغربية, البريطانية والأمريكية وغيرها وعمل لعدة سنوات كمسئول للمركز الإسلامي في واشنطن وتبوء عدة مناصب في ادنبرة وايطاليا ويشغل حاليا منصب رئيس المركز الإسلامي في النمسا.
تعليقات
إرسال تعليق