هيكلُ عشقٍ ما بعده عشق.
سامية خليفة / لبنان
قد تغتربُ الأجسادُ قسرًا، فتُعتقل سجينةً في أيِّ بلدٍ هجينٍ، أمّا الأرواح فتبقى حرة طليقة تقيم مهرجانات الألوان ، في لوحاتٍ أو مشاهدَ فولكلوريّة.
تتنازعني الأشواق إلى أيامٍ خوالٍ، أشقُّ صدرَ التّاريخِ بمبضعٍ صدئٍ ، أصيخُ السّمعَ تجذبُني أصداءٌ تتعالى من وراء حجاب. تلمحُ بصيرتي انبعاثات أنوارٍ شاردةٍ كغزلان البراري من ثنايا أدغال أكفِّ الزمن. صاخبةٌ هي أهازيج المدنِ
أهؤلاء المتلفعين بالأمجاد هم أجدادي؟ أهذا الجمالُ الذي يعلو ذرى الآفاقِ منبعثً من طيّاتِ تاريخِ وطني؟
أعود بعدَ إبحارٍ وسفرٍ معَ الخيالِ إلى شاشةِ الواقعِ، كم أمستِ المدنُ اليومَ عقيمةً!! كم أمستْ صامتةً كما الخرابُ، لا صوت يخترقُها سوى نعيقِ بومٍ وغربانٍ!!
إلى متى يا طائرَ الفينيقِ سنحيا على الأمجادِ؟ إلى متى سنستنجدُ بك كلّما عصفتْ بنا النّكباتُ؟ أيا ليتكَ تقومُ من تحتِ الرّمادِ
أيا ليتكَ تعيدُ لوطني بريقَه؟
يقولون بوقاحةِ مغتصبٍ أثيمٍ ...ارحلوا
أخبريهم يا نسماتُ بلادي عن أحلامي، عن عشقي لحفنةِ ترابٍ تعانقُها جذورُ عروقي المتشبثةِ كأذرعِ أخطبوطٍ في أرضِ الطّهرِ، أخبريهم عن جوهرةٍ تسكنُ في كلِّ ذرّةِ رملٍ اسمُها الحنينُ. قد تهاجرُ النّوارسُ والبشرُ، قد تنتشلني الزّوابعُ من صقعٍ إلى آخر، لكنّ روحي ستبقى هنا، أيّتها الرّوحُ اعلمي أنّ مقرّكِ الأبديَّ ها هنا أنّ صومعتَكِ شيّدتُها بأهدابِ السّهرِ، هيكلَ عشقٍ ما بعدَه عشق.
تعليقات
إرسال تعليق