غياب ثقافة الاختلاف
بقلمي / صبحي حجاب
لا يزال فكرنا يحمل بصمات التخلف لعصور الإنحطات ومن أهم مواصفات هذا الفكر الذي ما زال يعمل علي شق الصفوف المبالغة وتعني عدم الدقة في إعطاء الأشياء حجمها الحقيقي , فينفخ في أحداث صغيرة تافهه حتي تصبح هائلة ويقلل من شأن كبري ويهون من أمرها حتي تكاد تختفي , وهو الأمر الذي سهل دخولنا معركة مع أكثر من عدو وجعلنا نفترق ونرفع السلاح في وجوه بعضنا البعض لأسباب تافه , حتي صرنا عاجزين عن تحديد الأولويات في أعمالنا وتوجهاتنا .
أن الذاتية المسرفة تجعلنا نقيس الأشياء بمقدار قربها أو بعدها عنا ونحكم علي الأشياء من منظورنا الخاص دون أن نستطيع الفصل بين ذاتنا وبين الموضوع الذي نخوض فيه وهي الأمر الذي حول القضية من مشكلة أفكار تخطئ وتصيب إلي مشكلة الإختلاف علي أشخاص ووظفت لهم الأفكار وفصلت علهم الأحكام وتحول النقد من فكرة إلي صاحبها لتكشف عوراته وتصنف خطاياه وظهرت النظرة الضيقة التي تجمل أفعال الزعيم وأقواله لتكون هي مقياس الصح والخطأ من المؤيد أو المعارض .
وما يزال واقع الفكر يقف عند عصر التخلف ويتباين مع واقعنا حتي غدا مقياس الفكر لدينا مصابا بالعقليه المثالية التي تشيه العطالة في فهم واستيعاب تطوراته والقوي المحركة لذلك الواقع والطاقات المختزنه فيه .
أن العمل السياسي الحزبي يعاني غياب الناصحة والمصارحة خوفاً من تمزق الصفوف واضطراب العمل وكشف أخطائهم للغير وأن الإعتراف بالخطأ وتصويبه وتقويمه خير من السكوت عليه والتستر عنه بحجة عدم الخلخلة في الصف مجرد أوهام ولا يقدم نماذج هادفه للتحرر الفكري والتطور لملكات الإبداع في الإدارة السياسية , وكذلك ففاقد الشئ لا يعطية وعليهم إما بالمصارحة والمناصحة والإعتراف بالخطأ أو الإنسحاب الشفاف لأنهم سيخلقون عقول بغباوية تردد ما يقوله الزعيم دون مناقشة أو فهمة وسيسود الحمق جو من الإستبداد الفكري الذي يكرس الفردية ويقدس الزعامة وينشر الخوف والصمت واللامبلاه ويغيب كل إبداع وتموت كل الأفكار وتتحول كل الطاقات المكبوتة سوس ينخر الصف ويبدد قواه .
أننا نعاني غياب أدب الحوار بين العاملين في الحقل السياسي ومؤيديهم بمختلف إتجاهاته , فنحن إذا تعرضنا لمحاورة رأي مخالف كانت أوصاف الخيانة والإنحراف أو العمالة هي عملة التعاون أو التكفير وإهدار الحق في الحياة والفكر ويتحول البحث عما في رأي المخالف من حقائق إلي الكشف عن عورات صاحب الرأي لتعريتها وفضحها والتشهير بها فتتهجم النفوس وتحل الهواجس والظنون محل المحبه والثقة والتعاون ويتعطل الحوار الذي يعتبر العنصرالأساسي في حل المشكلات وتقريب وجهات النظر وتجهض كل أفكار الوحدوية قبل ان تري النور .
عودة تلاقي الأفكار بقلوب بيضاء ونية صفياء لا سواد فيها أصبح هو الحل الوحيد للم شمل الفكري الشارد المشرود الظالم المظلوم القاس والمقس عليه
تعليقات
إرسال تعليق