القائمة الرئيسية

الصفحات

رائدة مدرسة الفن للحياة في الشعرالمعاصر.

 

رائدة مدرسة الفن للحياة في الشعرالمعاصر.  

السيدة  / نَدَىَ الرّفاعِي


قراءات و رُؤَى و دراسات نقدية أدبية تطبيقية في ديوانها (كاد المعلم أن يكون رسولا ٠٠يعلمني عني وطني الذي أحب )

 نقد فني وتحليل أدبي  الناقد  /هشام شوقي (مصر )


 *** ـ مدرسة الفن للحياة وماهية الشعر في ديوان    " كاد المعلم أن يكون رسولاً "

*** ـ رؤية نقدية ودراسة أدبية  في ديوان   " كاد المعلم أن يكون رسولاً "

***سياحةإسلامية ومناسبات إسلامية وبطولة الزمان والمكان في ديوان (كاد المعلم أن يكون رسولا.. )


  *شاعرة الكويت الشريفة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي

    

 *ندى الرفاعي   شاعرة لا يمل  قارئُ شعرها من الإبحار معهما في عوالمها الشعرية تأخذهُ متعة القراءة إلي آفاق رحبة في خفايا النفس ومشاعرها وعواطفها وفي تكوينات المجتمع بعاداته وتقاليده ومُثُلهِ وتطلعاته ، وفي قلب الوطن في انكساراته وانتصاراتهِ و في تراث الأمة وقيمه ومعطاته ، وفي الحلم العربي القومي وما تمر به العروبة والإسلام من سيرة ومسيرة حافلة بالعطاء والتطلعات وما مرَّت به منذ بعثة النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام كما أنها الشاعرة العربية الوحيدة التى وثقت سيرة النبي وآل بيته الكرام شعرا  .  

  إنها شاعرة الأمة العربية ، شاعرة القضايا الكبرى ، تحققت لها هذه المكانة الرفيعة والسامية في الشعر لأنها تسير على المنهج الأدبي العالمي والعربي والمعروف عند الأدباء والنقاد بمدرسة " الفن للحياة " وهي مدرسة أدبية وشعرية وفنية في المسرح والقصة والرواية و تَسمى مدرسة المحافظين والمدرسة الكلاسيكية في الفن وهي أقوي المدارس الأدبية والفنية وأكثرها تأثيراً وجماهيرية لأنها مرتبطة أرتباطاً وثيقاً بالمجتمع وقضاياه لإرثاء القيم والأخلاق والحق والعدل والجمال في المجتمع  .


((الفصل الأول))

مدرسةُ الفَنَّ للحياةِ ومَاهِيَّة الشَّعر

في ديوان

"كادَ المعلمُ أنْ يكون رسولاً ..

للشاعرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي

رؤية نقدية أدبية 

نقد وتحليل /هشام شوقي(مصر)  


 


     مدرسة الفن للحياة في الشعر والرواية والمسرح والفن التشكيلي والسينما هي مدرسة تخاطب العقل والمجتمع وتهدف إلي تحقيق الحق والعدل والجمال في الإبداع  إنها المدرسة المؤثرة في الفرد والمجتمع ، الناهضة بالإنسان ، المعبرة عنه  الهادفة إلي تحقيق العالم المثالي له .

    ومن روادها في الشعر العربي أمير الشعراء / أحمد شوقي ، وشاعر النيل/ حافظ إبراهيم وفي الرواية / نجيب محفوظ وشاعرتنا المبدعة الأستاذة / ندى الرفاعي ، هذه المدرسة تهتم بمخاطبة العقل وتوجيه الفرد والمجتمع إلي القيم المثالية الفاضلة مع دقة التعبير في وصف المشهد الواقعي والمجتمعي بهدف أخذ العبرة والعظة ، سعيا إلى العالم المثالي ، ولذلك هي مدرسة تهتم بالماهية الفنية والماهية الفنية والشعرية هي القيمة الشعرية والأثر الفني الذي تطرحُهُ النصوص الشعرية أو الفنية للعبور بالفرد والمجتمع والوطن والدين من فجوات العثرات إلى قمم المجد والرفعة والسمو والكمال ومن ثَّمَ أصبح دور المبدع دوراً فاعلاً في بناء الفرد والمجتمع والوطن  .

     وأصبح الشعر والإبداع يهدفان إلى توجيه وإرشاد الأفراد والمجتمعات مع التعبير عن أحوالهم ، أصبح دور الشاعر معلماً ومرشداً وموجهاً للمجتمع من هنا تكون أهمية وماهية شعر الأستاذة / ندى الرفاعي أستاذة مدرسة الفن للحياة أو الشعر للحياة في الوطن العربي ماهية رائعة ومثالية لرفع راية الحق والعدل والجمال 

    وإذا كانت مدرسة الفن للحياة هي الأقوى تأثيراً وفائدة وإلتصاقاً بالفرد والمجتمع والوطن وصورة حية لهم ، فإنَّ [ مدرسة الفن للفن ] قد استقطبت معظم الشعراء العرب بحثاً عن الحداثة والتجديد في الشكل والمضمون وهروباً من القمع السلطوي لعدم وجود حرية مطلقة للشاعر والمبدع ومُذْ لجأ هؤلاء لمدرسة الفن للفن لتحقيق هدفين معاً أولهما : تحقيق منجز شعر متجاوز ومغاير ومتفرد في الإبداع في الشكل

والمضمون ، وهروباً من القمع السياسي ومن التشدد الديني ، ومن عادات المجتمع والوطن ، وظل يعبر عنهم في شكل تهويمات شعرية غامضة ومبهمة غير مؤثرة في نهضة المجتمع وغير موجهة للفرد نحو الكمال والمثالية لقد تحولت معظم نصوص وتجارب مدرسة الفن للفن إلىا ما يشبه الألغاز والأحلام السوريالية                والميتافيزقية ، وخرجتْ لنا الدراسات النقدية حول هذه الأعمال صورة لها فكانت صورة مبهمة للنقد تعتمد على التأويل والتنجيم بحثا عن ماهية الشعر ومدلولاته .

    الشاعرة القديرة السيدة الشريفة الأستاذة/ ندى الرفاعي ، أحسنت الاختيار والانتماء عندما اختارت مدرسة الفن للحياة وانتمت إليها محافظة للشعر العربي على شكله الجمالي التراثي من المحافظة على الوزن والقافية واللغة الجزلة والأفكار الشريفة الهادفة والخيال الخصب والمشاعر المرهفة وقد نجحت الشاعرة في إحياء دور الشاعر العربي  فقد كانت القبيلة تقيم الأفراح والأعراس عندما يولد فيها شاعر لأن الشاعر كان لسان قومه وقبيلته المدافع عنهم والمفاخر بهم ، والكاشف لفضائلهم ، وما تمتاز به بين القبائل ، لقد نجحت الشاعرة الشريفة السيدة الدكتورة ندى الرفاعي في بعث دور الشاعر مجدداً في المجتمع والوطن والدين .

    وقد اتخذت الشاعرة من أحمد شوقي إنموذجاً مثالياً فجعلت عنوان ديوانها " كاد المعلم أن يكون رسولاً " منطلقاً شعرياً لها ويتضمين من قصيدة أحمد شوقي " قُم للمعلم "  .

    قُــمْ   للمـعلمِ   وَفَّه ِ   التبجيلاَ            كادَ  المعلمَ أَنْ يكونَ  رسولاً

    أعلمتَ أشرفَ أو أجَلِّ من الذي           يبني  وينشئُ أنفساً  وعقولاً

    سبحانك   اللهــم  خـيرَ   مُعلّمٍ            علَّمتَ   بالقلمِ القرونَ  الأولى

    وفي عنوان هذا الديوان إعلان من الشاعرة أنها تنتمي لهذه المدرسة مدرسة الفن للحياة وأنها في قائمة الكبار من الشعراء وعلى نهجهم أمير الشعراء / أحمد شوقي وحافظ إبراهيم شاعر النيل ، الأستاذة / ندى الرفاعي شاعرة آل البيت وشاعرة الحرمين وشاعرة الكويت وشاعرة الأمة العربية والإسلامية . 

"رؤية بلاغية في الشعر "

  " في رحاب العلم " ويشتمل على القصائد الأتية 

[  قم للمعلم / كاد المعلم أن يكون رسولاً / طلب العلم فريضة / الكتاب / كتاب الله / أحرف النور / لغتي الساحرة / اللغة العربية / يراعي / تهنئة بالنجاح ] .

    في هذا المحور تمتدح الشاعرة دور المعلم وتثني عليه بوصفه المؤسس والمعلم والمرشد للأجيال المتعاقبة وتحضُّ على طلب العلم ، فطلب العلم فريضة وتتحدث عن كتاب الله " القرآن " وعظمته وعن لغتنا العربية الجميلة وعن ابداع أداة الكتابة التي أقسم الله بها في قوله تعالي " ن والقلم وما يسطرون " تُبْرزُ الشاعرةُ دورَ المعلم في قصيدةُ " قم للمعلم "[ وارث الأنبياء ـ غارس البذور ـ راعي النفوس ـ لا تبتغي لك جاهاً ـ كم قد بذلت جهوداً ـ كم قد أضأت سراجاً ـ كم قد صبرت احتساباً ]

    وتُبْرزُ الشاعرةُ أيضاً أثرَهُ في الأجيال وتباركُ عمله بالدعاء له [ جيل أتي بعد جيل يصغي لكم برجاء ـ هذي ثمارك تجنى حازت كثير ثناء ـ بوركت في كل عون ـ نلتم دعاء البرايا والحوت من تحت ماء ]

    وفي التشكيل الشعري للنص السابق اعتمدت الشاعرة على إظهار جهود المعلم وبيان ثمار عمله والدعاء له جزاء على عمله الإنساني وعطائه الكبير .

    وفي قصيدة " كاد المعلم أن يكون رسولاً " تستخدم الشاعرة ظاهرة التكرار البلاغي للفعل الماضي كمحور ارتكاز لتوكيد الفكرة وثباتها في ذهن المتلقي [ شهدت له الألواحُ / شهدت لهُ الأوراقُ / شهدت لهُ الأسفارُ ]  . 

    وتستخدم " كم " المتكررة التي تدل على الكثرة [ كم من عقول ـ كم من نفوس] لبيان أثر المعلم في أجيال متعددة متعاقبة كثيرة .

  وتعود لظاهرة التكرار البلاغي للفعل الماضي " سلمت " خمس مرات للتوكيد ولإفادة معني المدح ـ والثناء والدعاء [ سلمت عيون طالما سهرت ـ سلمت حروف طالما نطقت ـ سلمت يمين طالما رفعت ـ سلمت شخوص روحها بذلت ـ سلمت جهود الري و البرَّ ] وتختم الشاعرة بأن الاوصاف الشعرية لن تنصف المعلم ولن تعطيهُ مقابل عمله العظيم " لن تنصف الكلماتُ ما وسعت بوركت في الدنيا وفي الحشر " تقول الشاعرة الأستاذة/ ندى الرفاعي :

     شهدتْ لهُ الألواحُ مُذ  ملئتْ                نقشاً   بكلَّ  معارف  تُثْريِ 

    شهدتْ  لهُ  الأوراقُ  يحملُها                وكذا  الدواِة وريشةِ  الحبرِ

    شهدتْ لهُ الأسفارُ قد حفظت ْ                عَبر َالسنين حقيقَة الصبرِ

    كَمْ  مْن  عقولٍ  في   تأُّملها                  كانتْ   نواةَ  منابر  الفخرِ 

    كَمْ  مَنْ  نفوسٍ  في  تعهدهِا                  صارتْ  سبيلاً دائمَ  الأجرِ  

    لجميلةٍ     ترنو      نواظرنا                  للأمسِ حيثُ مرابع  العمرِ 

    ....................                           

    سلمتْ  عيونُ طالما  سهرتْ                  بين  الدفاترِ  ساعةَ العُسرِ

    سلمتْ  حروفُ طالما  نطقتْ                 ما بين همسِ القولِ والجهرِ 

    سلمتْ  يمينُ  طالما    رفعتْ                 لتشيرَ   نحو  معالمِ   السيرِ

    سلمتْ شخوصُ روحها بذلتْ                 سلمتْ  جهودُ  الري  و البرَّ

     وفي قصيدة " طلب العلم فريضة " تستخدم الشاعرة أيضاً التكرار البلاغي ولكن هذه المرة ليس للفعل ولكن [ للإسم ] فتكرر كلمة " العلم " سبع مرات في سبعة أبيات متتالية تهدف من ذلك إلى بيان مكانة العلم ومنزلته وتوكيد المعنى في ذهن الملتقي والقارئُ . 

     تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي في بيان أهمية طلب العلم ومنزلة العالم والمتعلم ومكانته في لغة جزلة وأفكار عذبه متسلسلة واضحة تنأى عن الغموض والتعقيد اللفظي والبلاغي .

     ما  العلم  ثوباً   ترتديهَ  و  إنَّما           هـو  جوهرُ  أُسُّ  وحسنُ  ثباتِ

    فالعلمُ   للإنسانِ   ليس  و  جاهةً           بل  وجهةُ  الماضـينَ  للخيـراتِ

   والعلمُ   تسبيحُ   و  عمقُ   عبادةٍ           يُحْي  القلوبَ من العمىَ  وسباتِ

   والعلمُ   تهذيبُ  و سبرُ      عوالمٍ          ولأهلهَ   عونُ   على    الأزمات ِ

   والعلمُ  من  أعطاهُ  من  جهدٍ جنَي          َثمَر   العطاءِ   بواسعِ   القدراتِ

   والعلمُ في الأولىا وفي الأخرىا سَنَا          للعالمينَ   و   منهل     الملكاتِ

   والعلمُ  دأبُ  الصالحينَ   و نَهْجُهمْ          وثوابهُ   فيضُ   من   الحسناتِ

     وإذا كانت الشاعرة استخدمت الفعل الماضي مكرراً لتوكيد المعني وتوضيحه في ذهن القارئُ واستخدمت الاسم فإنها لم تهمل الحرف في هذه الظاهرة البلاغية فقامت بتكرار حرف النداء " يا " ثماني مرات في قصيدة الكتاب وللغرض نفسه  وظاهرة التكرار للفعل والاسم والحرف والجملة ظاهرة بلاغية قرآنية كما ترى في سورة " الرحمن " وقصار السور " تقول الشاعرة في قصيدة " الكتاب " متخذة تكرار الحرف " يا " في أول الأبيات منهجاً للتوكيد والتوضيح وتفصيل المعنى 

     يا متعةً بجمالِ  لفظٍ   حققتْ                قِيمَ الجمال  بواقع  النظرات

     يا فكرةً نقلت    إلى  أذهاننا                وبنتْ  بأنفسنا  بناءَ    ثباتِ

    يا  نظرةً  قد  حَلَقَتْ   بخيالها              فتزودتْ   بالعلمِ   و  الطاقاتِ

    يا  رحلةً  جابتْ  معالمَ  جولة           بعجائبَ الأمصارِ و الطرقاتِ

   يا  وقفةً  للحقَّ   في   عزماتهٍ          ميراث  أجيالٍ  ورأي   ثقِاتِ

   يا  فُسْحةً للنفسِ في سبَحَاتها           ترقى مع الآمالِ و  الخطراتِ

   يا  بسمةً  وضاءةً قد  روّحتْ           عن قلبِ مضنىً مُقَفَّلَ الخطواتِ

   يا  بهجةً للباحثينَ على المدى          عن  كنزِ قولِ ذائعِ  الشذراتِ

   وقصورُ  تاريخٍ و عبرةُ  عالمٍ           متنوعٍ     بمجامعٍ   و  لغاتِ 

    والحقيقة إن طلبَ العلمِ فريضةٌ قال تعالى : " يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات " وقال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماءُ " وقد حث الرسول صلي الله عليه وسلم على طلب العلم فقال { ومَنْ سَلَكَ طريقاً يلتمسُ فيه علماً سَهَّلَ اللهُ لهُ بهِ طريقاً ألي الجنة } وقال " اطلبُوا العلمَ من المهدِ إلي اللحدِ "  .

    وقد برعتْ الشاعرة في توكيد المعاني السامية لطلب العلم ومنزلة العالم والمتعلم وفضل العالم وأنه وارث الأنبياء واهتمت بالكتاب كقيمة فاعله لنشر العلم ثم انتقلت إلي كتاب الله القرآن الكريم قال تعالي : " إنِّا نحن نزلنا الذكر وإنّا لهُ لحافظون " تتحدث الشاعرة الأستاذة/ ندى الرفاعي عن القرآن قائلة :

    كتابُ اللِه يا نبعَ  الشفاءِ            تكفلَ حفظهُ  ربُّ   السماءِ

    كلامُ اللهِ تحصينٌ  متينٌ            وعِصمةُ مَنْ تمسَّكَ باقتداءِ

    وَحبْلُ اللهِ موصولٌ   إليهِ          ورحمتُهُ  إلى  دُنيا  الفناءِ

    بلاغٌ واضحٌ لا لبسَ فيهِ          عجائبُ آيةٍ دونَ انقضاءِ 

     وفي الآيات السابقة تكرر لفظ الجلالة ثلاث مرات مع اختلاف الاسم المضاف " كتاب الله ـ كلام الله ـ حبل الله " وثمة تنويع في الوصف فهو كتاب الله المكتوب في اللوح المحفوظ وهو كلام الله المنقول بواسطة جبريل " الوحي " إلي النبي محمد صلي الله عليه وأهله وسلم وهو الحبل الرابط بين السماء والأرض الي طريق الهداية وهو الحبل الرابط بين المسلمين فيما بينهم ، وهذا التكرار مع التنوع يفيد توكيد عظمة القرآن .

    وفي قصيدة " أحرفُ النُّور " تتفجرُ ينابيُع البيانِ والبلاغةِ فتبدعُ الشاعرةُ          الأستاذة / ندى الرفاعي ، قصيدة قافية القافية علي بحر البسيط المركب " مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن " مطرزة بالصورِ البلاغيةِ المبهرةِ والمشاعرِ الجياشةِ المتوهجةِ والأفكارِ المتسلسلةِ الشريفةِ الهدف لبيانِ عظمة أحرف القرآن الكريم ، وفي صورة مناداة الحروف وإنزالها منزلة العاقل السميع تُوَجَّهُ الشاعرةُ النداءَ بالحرف " يا " ثلاث مرات في البيت الأول   .

    يا  أحرفَ النُّور يا ريحانة الحبق             يا أحرفاً نزلتْ في الغارِ بالعَلَةقِ   

    ومناداة القرآن وتشخيصه في هيئة من يسمع يضفي على الأحرف روح الحياة والطهارة والجلال وتسري هذه الظاهرة في بنية النص على مراحل متفاوته  وبمعان مختلفة وهذه صور منها .

   يا أحرفَ النورِ أنتِ الشمس في الأفقِ 

   متي    تلوتك  زالتْ  وحشةُ   الَقلَقِ

   يا  أحرفَ  النورِ  يا إشراقة    كمُلَتْ

   يا   دفقةً   عمِّتِ   الأرجاءَ    بالغدقِ

   يا أحرفَ النور صُنْتِ النور حيثِ سرى

  في  غفوةِ الليلِ  أو في صحوةِ  الفَلَقِ

  يا   أحرفَ النوِر  يا  ترتيلةً   سكنتْ 

  طيَّ   الفؤادِ   وباتتْ  جوهرَ   الحًدقِ

  يا أحرفَ الُّنورِ تيهي في الوري أبداً

  ما  ينقضي  قلمٌ  في  سورةِ   الَعَلقِ . 

     نقول إن التكرار البلاغي كظاهرة جمالية في شعر الأستاذة / ندى الرفاعي في هذا النص مع ارتكازه على توكيد أهمية وعلو شأن أحرف النور قد مالت الشاعرة إلي التنويع في المعني وإضافة معان وأوصاف كثيرة أي أنها شبِّعتْ ظاهرة التكرار اللفظي بظاهرة التنويع في المعاني والأوصاف والخصائص لهذا الكتاب المقدس فحركت المشاعر وأيقظت العقول ، وسحبت بالخيال إلى آفاق رحبة ويكأنِّ أحرف النور كأني حيّْ يسمع ويعي ويفهم ويجيب فتقف الشاعرة أمامه تُلبسهُ حُلِّةً من التشخيص الذي يُقِّربُ المعني ويوضحه أيضاً ، أي استخدمت الشاعرة ظاهرة التكرار البلاغي مع ظاهرة التشخيص لهدف سام ونبيل وهو توضيح المعني في ذهن المتلقي وهذي هي ماهيةُ شعر مدرسةِ الفنِ للحياةِ أنها تخاطب العقل البشري وتحرص على إفهامه وتحرك المشاعر والوجدان والخيال وتقود الإنسان إلى المثالية الشاملة لتحقيق الحق والخير والعدل والجمال في حياة الناس .

   وفي قصيدة اللغة العربية تبين الشاعرة حالة الحزن والأسي التي لحقت باللغة بسبب إهمال أبنائها لها وجريانهم وراء اللغات الغربية وهي لغة القرآن والشعر لغة الفصاصة والبلاغة والبيان في قصيدة جميلة لا تقل في روعتها وجمالها عن قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم في الموضوع نفسه يقول شاعر النيل في قصيدته الشهيرة " اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها " .

     وَسْعتُ  كتاَب  اللهِ  لفظًاَ  و   غايةً             وما ضقتُ عن آيٍ بهِ  و عظاتِ

     فكيفَ أضيقُ اليوَم عن وصفِ آلةٍ              وتنسيقِ   أسماءِ     لمخترعاتِ

     أنا  البحرُ في أحشائهِ  الُّدر  كامنٌ              فهل سَاءَلواَ الغوصَ عن صدفاتي

وتقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي عن اللغة العربية :

    رأيتُ  دموعَها  الحَرِّى                     تسحُّ    بغير    وقفاتِ

    فقلتُ  كفاك  لا    تبكي                     فَـقُـالـتْ  مـن   لآهاتي

    فأبنائي       أضاعوني                     بألفاظٍ          دَخْيلاتِ

    و   أبنائي      أهانوني                     بألحانٍ     و      لكناتِ

   تَنَاءَوا   عن    دراساتي                    وراموا    غيَر     خَيْراتِ 

   تخلِّـوا  عـن  مناجـاتى                    فصرتُ   غريبةَ     الذاتِ

   أداروا  ظهرَهُمْ     عنَّي                  رَمَـونـي    بـالـتـفـاهــاتِ

   وإني   إذ    أنـاديكــم                     أحيِّ    مثل        أمواتِ ؟

   فكمْ  لغةٍ   قَدْ   انزاحتْ                   وبادتْ    من   حضاراتِ

   أنا   العربيةُ   الفصحىَ                   بقيتُ    كنورِ      مشكاةِ

   حويتُ   حروفَ  قرآنِ                    فمن  ذا   في    كراماتيِ

   رعيتُ   مأثراً   شتى                     أضأتُ   ذرى    المناراتِ

   رويتُ   تراثَ   أجدادٍ                     أحـــاديـثــاً  و  غــــزْواتِ

  وصُنُتُ  العلَم والآدابَ                   صـنتُ   مـعـالــمَ    الآتـيِ 

    استهلت الشاعرةُ القصيدة بالحال المؤسفةِ التي تعانيها من جفاء العرب للغتهم وإهمالها والركض وراء اللغات الغربية وهي لغة القرآن حاملة التراث ،لغة العلم والشعر والأدب في لغة سلسلة عذبة جزلة واضحة وخيال قريب من ذهن المتلقي بعيداً عن الغموض والإبهام وبعيداً عن الركاكة مشحون بالأفكار والمشاعر المؤثرة محفزة للهمم في العلو باللغة العربية وعدم إهمالها على موسيقي بحر الوافر الخليلي " مفاعلتن مفاعلتن ...... مفاعلتن مفاعلتن " ومع أن قافية القصيدة التاء المكسورة متوافقة مع قصيدة شاعر النيل في القافية إلا أن البحر الشعري مختلف فقصيدة حافظ إبراهيم عن اللغة العربية نظمها على بحر الطويل 

" فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن     فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن "


((الفصل الثاني))

دراسة نقدية بلاغية تربوية

في ديوان

"كاد المعلم أن يكون رسولاً..

للشاعرة الشريفة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي


 نقد وتحليل أدبي للنصوص /

هشام شوقي (مصر )


 رؤية تربوية بلاغية في ديوان كاد المعلم أن يكون رسولاً

 ويشتمل على القصائد الآتية [ دين السماحة والحضارة /أمِّاهُ / يا أُمُّ / أُمي / أخي / ولدي / ابنتي / السعادة / رسالة / الممرض / في دار العجزة / كبار السن / أم الكويت ماما أنيسه ]  .

    تضع الشاعرة يدها على أساس بناء المجتمع وهي الأسرة وهنا تسطع شمسُ مدرسة الفن للحياة ، الأسرة هي النواة الرئيسية في بناء المجتمع وتطوره ونهضته وحسب ما ورد على لسان الشاعرة [ الأم ـ الأخ ـ الولد ـ البنت ] ثم تنطلق الشاعرة بعد هذه الأيقونة الأسرية التربوية إلى أيقونة مجتمعية إنسانية قوامها الرحمة والعونَ والمساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة من المرضى وكبار السنِّ والمعاقين والمصابين بالتوحد ، وتتجلي ماهية الشعر وقيمته بما يحمله من أفكار مؤثرة في بناء الفرد والمجتمع ومد يد الرحمة والعون إلي الفئات المحتاجة والتي يمر عليها كثيرون مرور الكرام ، دون الاهتمام بما لهؤلاء عليهم من حق أخلاقي وإنساني  .

    ولأنَ القصائد تربوية فإنها تهدف إلي أهداف معرفية سامية وألى أهداف وجدانية مؤثرة وإلى أهداف سلوكية فاعلة تجعل القارئُ إيجابيا مع الشعر متفاعلاً معهُ ليس بالقراءة المعرفية والمتعة القرائية فقط بل يتخذ من الشعر زاداَ يتزود به في حياته مستفيداً من قيمه الأخلاقية والتربوية السامية فيصبح فاعلاً ومؤثراً في أسرته ومجتمعه ، مهتماً بطبقة الضعفاء من كبار السن والمرضي وأصحاب الحاجات  في هذا المحور تمتدح الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي ، الأم وكما قال الشاعر / حافظ إبراهيم 

     الأم  مدرسة  إذا  أعددتها           أعددت  شعباً  طيب  الأعراقِ

وقد حثَّ الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بحسن الصحبة عندما سأله أحدُ الصحابة مَن أحق الناس بحسن صحابتيِ  .

    قال " أمك ثم أمك ثم أمك ثم ابيك " وفي حديث آخر " الجنة تحت أقدام الأمهات" الأم هي عصب المجتمع وبرها وعدم عقوقها مرضاة لله وسبيل إلى السعادة في الدنيا والأخرة .

    في دور الأم وفضلها تقدم لنا الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي أنموذجاُ شعرياً رائعاً ثرياً بالمعارف عن دور الأم تقول الشاعرة في قصيدة " أماهُ " :

    اُمِّاهُ     يا    أنشودةَ    الوجدانِ          يا  نجمةً  سطعتْ  بكلَّ  حَنَانِ

    مِنْ  نهج  دَرْبك  نستمدُ   هدايةً           نُسجتْ  مبادؤها  من  القرآنِ

    ينبوعُ معرفةٍ  و مصدرُ  حكمة ٍ           ووعاءُ  زادِ  الدُّربِ  للحيرانِ

    أنشئتِ جيلاً   صالحاً   متعاوناً            وأقمته   متماسك     البنيانِ

    أمضيتِ عُمْركِ في تَعُّهدِ غْرسِهِ           بالعلمِ  و الأخلاقِ  و  الأيمانِ

    وفؤادكِ الرَّحبِ الجوانبِ  عامرً            بالحبِ والإخلاصِ و الإحسانِ

    وبعزمكِ الوضاءِ كنت  بجانبي            أنتِ المعلمُ في الحياةِ   رعانيِ

    يا راحتي يا سلوتي يا أسوتي             يا  رحمةَ  الأقدارِ     للإنسانِ

    ندعو الله أن يحفظ للشاعرة والدتها وهي صورة ورمز مثالي خالد للوفاء والعرفان بالجميل أسبغت الشاعرة على النص الشعري هالة فنية من التشبيهات التي تنشط خيال المتلقي مثل :

يا نجمةً سطعتْ بكلَّ حنانِ  ـ وفؤادك الرحبَّ الجوانبِ عامرٌ بالحبَّ والإخلاصِ والإحسانِ ـ وبعزمكِ الوضاء ـ يا رحمة الأقدارِ ، كما استخدمت الشاعرة حسن التقسيم البلاغي في بناء النص مثل قولها :

    أمضيتِ عمركِ { بالعلمِ والأخلاقِ و الإيمانِ}

    وفؤاد الرحب الجوانب عامرَّ      { بالحبَّ والإخلاصِ والإحسانِ}

    {يا راحتي ـ يا سلوتي ـ  يا أسوتي  }

والألفاظُ في القصيدةِ جاءتْ معبرةً مؤثرةً مشبعةً بالحبَّ والحنانِ و العواطفِ والمشاعرِ الساميةِ والعرفانِ والإقرارِ بجميلِ وفضلِ دورِ الأمِ في تربيةِ الأبناءِ وغرسِ القيمِ الساميةِ في نفوسهم فهي " أنشودةُ الوجدانِ / نجمةٌ سطعتْ بكلَّ حنانِ / ينبوعُ معرفةٍ ومصدرُ حكمةٍ / أنشئتِ جيلاً صالحاً متعاوناً / أنتَ المعلمُ في الحياةِ/ تتفهمينَ متاعبي ومشاعري / شاركتني حِمْلَ الهُمُوم / مَسَحَتْ مِواجعَ دمعةِ الأحزان/ 

    وفي قصيدة " أمي " تكتب الشاعرة بطريقة ما يُسَمِّى بالسهل الممتنع إنه سهل لسهولة فهمه ومعانيه والتصاقه بالعقل والوجدان وممتنع لأنه لا يقدر على كتابته الكثيرون  تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي :

     أمِّاهُ   مَهْمَا   قَدْ   كبُرْنَا   إننا         سنظلَّ  أطفالاً  متي  نلقاكِ

    أدعو  لكِ  الرحمنَ  جلَّ  جلالهُ        ولطالـما بالخير كان دعُـاكِ

    صلي الإلهُ على الحبيب رسولهِ        بالحقِ جاءَ منهج  الإدراك 

    وفي قصيدة " يا أمُّ " تكمل الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي ، سيمفونيتها الشعرية عن الأم وفضلها ولكن هذه المرة يشعر القارئُ أنه يعيش مع الشاعرة مضمون الأبيات لأن صورة الأم المثالية بعطائها صورة متكررة في معظم البيوت فتشعر أن الشاعرة تعبر عنك بصدق وبراعة وإبداع تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي في قصيدة [ يا أم]

    يا  أمُّ  أنت  الحــبُّ  في   نبضاتي            لكِ  كلُّ  فضلٍ  في  دروبِ  حياتيِ

    لـكِ أوجبَ الرحمنُ حسنَ صحابةٍ             بتواضـعٍ  و  بـأجمـلِ     الـكلمـاتِ

    أوصـى الرسـولُ بأَنْ نبـارك أولاً              بجنـى  رضـاك  بصالـحِ  الدعواتِ

    أمضيتَ عمـراً في رعـايةِ شأننا               فـغَـدَا   لـدينا   أينــعَ   السـاعـاتِ 

    علمـتني   كُـنْهَ  الصـواب  وَأَّنـهُ              الإخـلاصُ  رغـم  صعوبـة الَعَقباتِ

    و لكـم بـذلتِ وكـان دأبـكِ دائـماً               أَنْ  نكـملَ  الأعـمالَ  قـبل   فــواتِ

    لا  تقـبلـين  الـعذَر عنـد  تلــكؤ               ولكـم  صـبرتِ عـلى أذى الـهفواتِ

    وإذا نجحتُ فأنت أهنأ من  أرىا               وإذا   مـرضـتُ    فـبلسـمُ   الآهــاتِ

    كـم مـن حكايات  أتيت  بسردها               كــانت  مــثارَ  تــحاورٍ  و عــظاتِ

    و جلـست قـربي في حنانٍ غامرٍ               ولطـالـما   أغـفـو  عــلى  الآيـاتِ

    كـنتِ الـدليلَ  تـراقبين  مسـيرتـي               وتجــنبين     تعــثر     الــخطواتِ

    لأنت موطن  راحتي   وسعادتي               مَشْفـَى  الـهمومِ  ومسكنُ الرحماتِ

    الــروحُ  تنضحُ  طـيبـةً ونـداوةً                تكـسو سنـاها  لـمحـةُ القسمـاتِ

    مهما تعاقـبت السنون بما مضتْ               تبقيـنَ  نـبعاً  رائـقَ   البركــاتِ

    أنت التي لم أنس يوماً   عطفها               أنت  الـمعينة  لـي على الأزماتِ

   أنت  التي  أبداً  تمــدُّ   حوائجي                بعطائها   في  أصعبِ   الأوقاتِ

   بالبسمة الحُســنى تنيرُ جوانحي               وبصحبةٍ   تنمـو  مـع  الـسنواتِ

   أدعــو لك اللهَ الــكريمَ   تضرعاً                فـي  كـلَّ  وقتٍ  فـاضلٍ  وصـلاةِ

   صلى  عليك  الله  يا خير الورى               يا  أحمـد   الـمختار   بالـصلواتِ

_ وفي قصيدة " أخي " تعود الشاعرة إلى ظاهرة التكرار اللفظي البلاغي الذي يوضح المعني ويفسره ويؤكده في ذهن القارئ والسامع تكرار كلمة أخي في النص " 37 " سبع وثلاثون مرة في أول الشطر الأول وفي أول الشطر الثاني متخذة من ذكر اللفظ مفتاحاً في كل بيت لسرد وتعداد فضائل الأخ وصفاته فهو [ ندى القلب  /مزكي / أخي بمكارم الخلق الحميد / ناصح / طليق الوجه / يدفعني إلى القول السديد/ إن غبت عاهدني وفاءً / أخي بتناصر وثبات أمر / أخي إنْ عدتُ تابعَ ما الجديد / أخي بأواصرِ الصدقِ / أخي بتكافل يحي المعاني / أخي بتشاور وكثير حلم / أخي بتآلفٍ وحبالِ وصلِ / أخي بتفقد الحال / أخي بسماحةِ الفكرِ / أخي بمخافة الرب / أخي بقضائه حق الوعود / أخي بتعهد نحو المزيد / أخي بتعاون بر وتقوي / أخي بعبادة / أخي بتقبل العزر / أخي بمبادئ الدين / أخي بنصيحة وبحسن ظن  /أخي بتراحم / أخي بإغاثة / أخي بالصفح / أخي ببشاشة وبشر / أخي بلطافة القلب / أخي بسماحة وصفاء روح / أخي بترابط العقد العضيد ] كوكبة من الصفات الحسنة المثالية تتغنى بها الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي في وصف الأخ تقول في قصيدتها "أخي"  .

    أخــي   بنـداوةِ  القلب  المُـزَكّي                أخـي  بمكارمِ  الخلقِ  الحميدِ

    أخـي   بنصيحةٍ  تُحي    فؤادي                أخـي  بطلاقةِ  الوجهِ  السعيدِ

    أعاهدُهُ     على   العملِ    المفيدِ                ويدفعني  إلي  القول  السديدِ

    أخـي  إِنْ  غبتُ  عاهدني  وفاءً                 أخـي إنْ عدتُ تابعَ ما الجديد 

    أخـي   بتناصرٍ    وثبات     أمرٍ                على الأهواءِ والخصم ِ العنيدِ 

    أخـي بأواصٍر الصدق   الُمصَفَّى                 أخـي   بتبادلِ  الرأيِ  السديدِ 

   أخـي    بتشاورٍ     وكثير    حلم                 أخـي  بسماحة الفكر النضيدِ

   أخـي   بتالف   و  حبالِ     وصلِ                 أخـي  بتفقُّدِ  الحالِ   الشديدِ

   أخي    بتورعٍ  عن  سوء    فعلٍ                  أخـي  بمخافة  الربَّ المجيدِ

   أخـي   بتعاونٍ     برّ   و   تقوي                   أخـي  بقضائه حَّق الوعودِ

   أخـي   بتواضعٍ  و  جناحِ   خفضٍ                 أخـي  بوفائهِ  كلّ    العهودِ 

   أخـي   بمبادئ   الدينِ     المنقىَّ                  أخـي  بعبادةِ  الربّ الشهيدِ

   أخـي   بنصيحة   و بحسنِ    ظنَّ                  أخـي  بتقبلِ  عذرَ    القعيدِ

   أخـي    بسرورهِ   عند   ابتهاجي                 أخي يمناهُ في الحدث الرَّغيدِ 


    وإذا كانت الخنساء أفضل من كتب في رثاء الأخ المتوفى ، فإن الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي أفضل من كتاب في صفات وفضائل وسجايا الأخ الحي ندعو الله أن يحفظ لها إخوتها وأخواتها ، تضع الشاعرة يدها على ماهية الشعر وتقدم صورة مثالية عن الأم وعن الأخ وعن الابن وعن البنت عن الأسرة نواة المجتمع وهي بذلك تنشد الكمال في بناء المجتمع والرقي الأخلاقي والحضاري والديني كما أنها تبرز المشاعر والعواطف والأخلاق الحميدة والمثالية في محيط الأسرة والتي ينبغي أن تتحلى بها كل الأسر .

    وفي قصيدة " ولدي " عن ولدها " صالح " حفظه الله وهي السيدة الشريفة أم صالح ابنة الوزير الكويتي السابق رحمهُ الله " السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي" نسب آل بيت النبي صلى الله عليه وأل وسلم تقوم الشاعرة بمخاطبة الأبن وتقول النص الشعري بلسان الأم بعد أن كانت هي البنت وتكتب إلى أمها حفظها الله أي تقوم الشاعرة بدور الأبنة في قصائد الأم وتقوم بدور الوالدة في قصيدتي [ ولدي ـ  ابنتي ] في قصيدة ولدي تستفتح الشاعرة القصيدة بحسن استهلاك شعري يعطي فضاء لا متناهي من العلاقة المثالية بين الأم وولدها وتستفتح النص باسم ولدها "صالح" ثم تفصل الجملة الاعتراضية " أتسأل كم أهواك " ثم تتبع الشاعرة بعلاقة الانتساب " يا ولدي " والسبب في الفصل بين صالح يا ولدي بالجملة الاعتراضية الاستفهامية " أتسأل كم أهواك " ليس المفاضلة في الصفة ولكن لأن الأم تهتم دائماً بشئون أولادها فإن أسئلتهم والأجوبة عليها يكون لها حق التقديم والسؤال كم أهواك؟ سؤال في المشاعر والعواطف بكم الاستفهامية والمشاعر الإنسانية لا تقاس بالمقاييس المادية فترد عليه الشاعرة رداُ فيه دهشة وحيرة كيف يكون الجواب المحدد عن مشاعر الأمومة " تاه السؤال وحار الفكر في خلدي" تاه السؤال أم تاه الجواب عن السؤال ؟ ومن ثم تلجأ الشاعرة لمقاربة الجواب بشكل بلاغي يعتمد على التشبيه والمقارنة الوصفية مثل أمواج البحر وقطرات زبده ، مثل عدد النجوم مثل قطرات المطر وعدد السحب ، كل هذه التشبيهات ليست مرضية للشاعرة لأنها لا تعبر بدقه عن مدي حبها لولدها فإن الجواب غير منصف لما يحمل القلب من مشاعر سامية للأبن نور العين تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي :

    إن كنت تبغي صميم الأمر غايتَهُ         لا تسأل الأمَّ كَمْ للحبَّ من أَمَدِ

    فلستُ انصفُ قلبي حين أُعْلِنُهَا          وأنتَ نوُر عيوني  فلذةُ  الكبدِ

   واذا كان أخذنا حسن الاستهلال للنص بالسؤال والجواب عنه إذ سيطر على معظم أبيات القصيدة لنعيش مع الشاعرة في أبيات النص بتأمل وتدبير لنرى صورة الأم المثالية وهي تصف في الرد علي سؤال ولدها " صالح "تقول الأستاذة / ندى الرفاعي في قصيدة " ولدي " .

    صالح أتسألُ كم أهواكَ      يا ولدي        تاهَ السؤالُ وحار الفكر في خلدي 

    حقاً    أجيبكَ       بالآلاءِ    ساطعة        لو يسألُ الموج كم للبحر  من مَدَدِ

    حتماً    سآتيك   بالأنباءِ    أنشرُها        لو يعلمُ الليلُ  كم  للنجم  مِن  عَدَدِ

    أسدي إليك بما في القلب من لهفٍ        لو تدركُ السُّحبُ  ما  للماءِ   والبردِ

    لا تحسبنِّ   جفا   الكتمان   منزلة        فالحبُّ  أسمي  من  الأقوال و  الرِّددِ

    كَمْ قد رعتكَ عيوني   بيَن أدمُعهِا         وما  يكونُ  كمثلِ  الابنَ  من   أحدِ

   تظلُّ  أنتَ  أميري  بَسْمَتِي  وَغَدِي          مَهْمَا تجئُ بهِ  الأيامُ مِنْ رَغَدِ

   قَدْ أشرقتْ أملاً شمسُ السُّرور بنا           لمَّا أتيتَ إلي  دُنْيَايَ يا سَنَدي

   إنْ  كنَت تبغي صميَم الأمرِ غايتَهُ            لا تسألِ الأمَّ كَمْ للحبَّ من أمدِ

   فلستُ أُنصفُ قلبي  حين أعلنها             وأنت نور عيوني  فلذة الكبد 

   في قصيدة " ابنتي " تُقَّدمُ لنا الشاعرةُ الأستاذة/ نَدَىَ الَّرفاِعي صورةً كاملةً للفرحةِ والسعادةِ والِبشْرِ و السرورِ الذي يعانق قلبها عندما تري ابنتها " حفظها الله " وأنها كانتْ غايةً تتمناها من اللهِ وأنَّ اللهَ قد استجابَ لها في تحقيق هذه الأمنية وأكرمها بطفلتها  التي تملأ البيتَ والحياةَ على أمها سعادةً وفرحةً تقول الشاعرة في قصيدة " ابنتي " :

    تَعَاليْ  و انثري عِطْرَ  السعادةْ              فأرضُ  الحبَّ  تزهر ُ بالأماني

    تَعَاليْ  اطفئي   شوقاً    تنامى              إلى رؤياك  يا  أَحْلَيَ  الغَواني

    تَعَالَيْ    طفلةَ   الأحلام   إنَّي               ليومِ  لقاك  أَحْصَـيْتُ  الثواني

    فأنتِ  الدرَّ  في  قاعٍ    عميقٍ               وأنتِ الفجرُ قد صباغ المعاني 

    فيا ليتَ  النجومَ  عرفنَ  تَوْقِي               و يا ليتَ الآصائَل في  جَنَانيِ

    و يا ليتَ  السحائبِ    عابراتْ               مَرَرْنَ  بأضلع  كانتْ   تعانيِ

    فَكَمْ شَهدَ المغيبُ لهيبَ صَبْري              وكَمْ تاَقَ  الفؤادُ  إلي  الأماني    

   جمالُ الخلق  يُعْفي  كلَّ  وَصْفٍ              وسِحْرُ سَنَاك  يُغني عن  بيانِ

   لروضٍ  كلّهُ  وردً  و عطرً            لبشرى   بهجةَ  في  كلَّ  آنِ

   لأَبْسمَ   للحياةِ  بكلَّ   سَعْدٍ             وأعلَن فرصتي عبرَ الزَّمانِ

   حمدتُ  اللهَ  إذ  سواك حقاً             وأودعَ   سرِّه  طَيَّ   الكيانِ

      ونلحٌظ تكرار الفعل " تَعَالَيْ " ثلاث مرات متتالية في رغبةٍ عارمةٍ لحضورِ الابنة لكي تملأَ حياة والدتها بالسعادةِ والسرورِ عند رؤيتها ويفيد التكرار اللفظي للفعل الأمر توكيد هذا المعني .

   كما استخدمت الشاعرة تكرار " يا ليت " ثلاث مرات وهي تفيد الرغبة في تحقيق الأماني وتفيد التمني برؤية طفلتها دائماً لتغمرَ حياتها بالسعادة والتكرار اللفظي للنداء وأداة التمني " ليت " يؤكد المعني ويوضحه في ذهن القارئ 

    وتنظر الشاعرة نظرة مدِّ العون والمساعدة إلى المرضى والمعاقين وأصحاب الحاجات وتدعو المجتمع إلى عدم الوقوف أمامهم بنظرات الإشفاق وإنما بمد يد العون والإرفاق بهم حتي يتحول العجز إلي عزيمة وإرادة قوية تملأ نفوسهم بالثقة و تقيهم من العثرات وتزرعُ الأمل في نفوسهم لأنهم أبناؤنا .

    تقول الشاعرة الأستاذة  / ندى الرفاعي في قصيدة العون والإرفاق " وهي القصيدة الفائزة بالجائزة الأولي في مسابقة مؤتمر أمراض التوحد الكويت مايو 2006 .

    دَعْنا  من  النظراتِ  و الإشفاقِ                 ولنتجهْ  للعونِ  و الإرفاقِ

    و لنمنحَ  الضعفاءَ  عُمْقَ  تَبصُّرٍ                وَتَفهُّم مٍن دونِ ذا الإقلاقِ

    حتي  يكونَ  هناك  حسنُ  تدبُّرٍ                لمسيرةٍ تحمي من  الإخفاقٍ

    لنحيلَ   ذُلِّ   العجز عزِّ  عزيمةٍ               ونقبل  عثرتهم  بوعي  راقِ

   نُحْي   إرادتِهم  و نملأُ   روحَهُمْ               ثقةً  وأمناً   دائمَ   الإشراقِ

   كي  نزرع  الأمل  الجميل ببسمة              ونحيط  خطوتهم  بدرع واقِ

   ولنمضِ فالعمل الصدوق سبيلنا               بتعاطفٍ  هو  زينةُ  الأخلاقِ

   أبناؤنا  هم  بصنعة   من   ذاتنا               هم  بهجةُ  الأنوارِ  بينَ  مآقِ

  فإصابة  أو  عاهة  تضفي الأسي               فكأنما  هي   طعنة   الأعماقِ

  والله  رحمته  تنيرُ   دروبَ   من               قد  سلموا   لمشيئة   الخلَّاقِ

  وإذا  أحبِّ  الله   عبداً      ابتلي                إيمانَهُ   في   شَدةٍ  و  مَشاقِ

  والصبرُ   ذكرٌ   للقلوبِ  ينيرُها                 ماذا  يفيدُ  الرزءُ  دمعَ  مَآقِ

   فالعاجز  المعمول  ليس  بنقمةٍ                بل  نعمةُ  خفيت  عن الأحداقِ 

   ولأنَّ الشاعرةَ أستاذةٌ في شعر مدرسة الفن للحياة ، تغرسُ في نفوسِ الناسِ تقُّبلَ هؤلاءِ  المرضى والعاجزين ومساعدتهم و أن ما يمرون به من محنة هي ابتلاء من الله واختبار في الإيمان وأنَ التسلح بالصبر وقاية وعصمة لهؤلاء وأنهم في نعمة من الله وليس نقمة لأنِّ الله إذا أحبِّ عبداً ابتلاه ، وأن هؤلاء أصحاب الحاجات منيع لرحمات الله وطريق إلي المقربة منه وفي قصيدة " بلسمُ الأنات " المهداة لذوي المعاقين تؤكد الشاعرة أن أحلام هؤلاء المرضى بسيطة مقارنة بالأصحاء وتقدم مواساة لأهاليهم وأن عليهم الصبر وأن حكمة الله في عباده نافذة وتحض على الأخذ بأيديهم في شئون الحياة .

     تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي

   مَنْ   للغلامِ  التائهِ   النظراتِ               و  لطفلةٍ   لم   تَلَهُ   مثل  بناتِ

   أترابُهُمْ  غَنِمُوا نُهَى إدراكِهمْ                يبنونَ    آمالاً    بكلَّ        أناةِ

    أمَّا  هُمُ  فبسيطةّ   أحلامُهُمْ                أيامُهُم    في    أمْسِها   كالآتيِ

    حاموا  بدنياهُمْ  كغيمٍ   عابرٍ               ببديهةٍ  قَصُرَتْ  عن   الخَطَراتِ

   غَابوا عن الحُلمِ الفَتِيَّ وفرحةٍ               للأهلِ   عندَ    مُضيُّهُمْ    بثباتِ

    يا  والداً  آوي  إلى   زفراتِهِ               يا  والداً كم  ذُقْتَ  من  حَسَراتِ

   لاَ بأْسَ  إنِّ  اللهَ  بينكم يري               كم في المصيبةِ من عظيمِ عظاتِ

   ترجونَ  عافيةً  ويكتب بارئٌ               و لحكمة   عيشاً  مع   العاهاتِ

   و الصبُر نوٌر والرعاية مغنمٌ               إن   السقيمَ   ليجلب   الرحماتِ

    ولم تغفل الشاعرةُ دوَر الممرض الذي يسهُر على متابعة المريض وعلاجه بعد أن قام الطبيب بالكشف والتشخيص والعلاج ويأتي دور الممرض لمتابعة المريض والمحافظة علي رعايتهِ وإعطائه الأدوية في أوقاتها ويضمد جراحه تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي في قصيدة الممرض :

    ذهبَ الطبيبُ بجهدهِ المشكورِ                وبقيتُ عند مريضهِ المجبورِ

    تَرْعَى حوائجَهُ تضمدُ  جُرْحَهُ                كيما يعـود  لوضعِه الميسورِ

   فإذا  تأوِّهَ  من  شديد  تَوَعُّكٍ                 كنَت الرفيقَ ببلسمٍ  وطهور

   وإذا  تغيِّبَ  أهلُهُ  عن  زَوْرَةٍ                كنتَ الشفيقَ بسعيكَ المقدورِ

    وفي قصيدة " في دار العجزة " تلمسُ الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي الحياة النفسية للمقيمين في دار العجزة وتقدَّمُ مفارقةً عنهم بين أمسِهِمْ المجيدِ الحافلِ بالعطاءِ وبين يومِهِمْ العاجزِ كما تقدمُ الصورةَ التي يعيشُ عليها العاجزون من الإهمال وعدم الرعاية الكاملة من أبنائهم وهم الذين ضحَّوا بالأمس من أجلهم بصحتهم وأموالهم وسعادتهم وقد لجأت الشاعرة لتكرار كلمة الأمس أربع مرات واليوم مرتين في مطلع أبيات القصيدة لتؤكد هذه المفارقة .

    بالأمس  كنتُ  أميرةَ  الدارِ         واليومَ  صرتُ  أسيرةَ  الدارِ

   بالأمسِ  أبنائي   هُمُ   أَمَليْ         واليومَ    لَمْ    يَأْتوا   كزوَّارِ

   بالأمسِ كانَ القلُب ساحَتَهُم ْ         واليومَ   أقفرُ   دَوْنَ     أنوارِ

  عيني التي بنجاحهم حَلُمَتْ            اليومَ  أمسح دمعها  الجاري 

  وفي ختام هذه الأيقونة التربوية من مدرسة الفن للحياة تقدم لنا الشاعرة الأستاذة/ ندى الرفاعي قصيدة رائعة عن كبار السِّن وأنَّهم القدوةُ والمثلُ الأعلى لنا في حياتنا ولولا جهودهم لما وصلنا نحن للخير الذي نعيش فيه وأنه يجب علينا تقديم الشكر لهم وعدم جحودهم وأن نعترفَ بفضلِهِمْ وهي قيم تربوية أصيلة في وحدة المجتمع وتماسكه تقول الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي 

   كبارُ السِّن ماضينا الأصيلُ           وحاضرنا المعبقُ و الجميلُ

   هم النبعُ السخيُّ لكلَّ فضلٍ           و  إنهُمُ   لنا    مَثلٌ    نبيلُ

   لهم أسمي امتنانٍ واحترامٍ           فلولاهُمْ لما كانتْ     أصولُ

   وكم قد قدموا من تضحياتٍ          وما  لعـطـائهِـمْ  أبـداً   بديلُ   


                            


((الفصل الثالث))

بطولة الزمان والمكان

في شعر السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي

 "  سياحة إسلامية ومناسبات إسلامية وبطولة الزمان والمكان "

في ديوان

" كاد المعلم أن يكون رسولاً .. يعلمني عن وطني الذي أحبُّ "

قراءة نقدية و رؤية أدبية 

/هشام شوقي (مصر )


بطولةُ الزَّمان والمكان

في شعر السيدة الأستاذة / ندى الرَّفَاعي

دراسة نقدية إعداد / هشام شوقي أمين

    ــ سياحة إسلامية ومناسبات إسلامية وبطولة الزمان والمكان في ديوان

   " كاد المعلم أن يكون رسولاً ...يعلمني عن وطني الذي أحب "

       في هذا المحور يتجلىا المكاّن والزمان كبطلين رئيسين يدور حولهما النص الشعري في سياحة الشاعرة الإسلامية والمناسبات الإسلامية وهذه هي مدرسة الفن للحياة تضرب بجناحيها محلقة في الأرض العربية والإسلامية لتقدم لنا صورة مشرقة عن المكان البطل الذي تصدّر عناوين القصائد، وايضاً على المناسبات الإسلامية وهي صورة مرتبطة بالزمان متجددة عبر العصور .

سياحة إسلامية  " المكان البطل "

   ويشمل على قصائد [ يا قدس هذي ليلة الإسراء / القسطنطينية ـ إسطنبول / أرض الكنانة/ يا شام / لبنان / بحرين / عُمَان / بغدادُ / دولة الامارات العربية المتحدة]

    وقد يسأل سُائلٌ إنها سياحةٌ إسلاميةٌ ولم تتحدْث الشاعرةُ عن مكة والمدينة المنورة والأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية والجواب أن للشاعرة قصائد كثيرةٍ عن الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية في ديوانيها " زهرة المصطفى وديوان صلواتي " إن الشاعرة في هذه السياحة الإسلامية تطوف وتجوب في البلاد العربية و مقر الخلافة الإسلامية في القسطنطينية و القدس هي أقدم مكان على الأرض ارتبطت به نفوس الناس من الناحية الدينية وهي مهبط الأديان القديمة وبها المسجد الأقصى هي ملتقى الديانات عبر العصور وبها دفن كثير من الأنبياء ، القدس بها ليلة الإسراء والمعراج والرسول قد أمّ المسلمين بها وعندما يمُّر السائح أو الزائر المسلم بالقدس فإن مشاعر و أفكار وصور رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتجلىا أمامَ عينيه تقول الشاعرة الأستاذة / ندي الرفاعي في قصيدة " يا قدس هذي ليلة الإسراءِ "  .

     يا   قدسُ   هَذي  ليلُة   الإسراءِ              والروحُ  جَاءَ  بسيَّد   البُشراءِ

     سُبْحَانَ  مَنْ  أسرىا  بأحمَد  ليلةً              مِنْ   كعبةٍ   شَرُقَتْ  إلى إِلْياَءِ

     كي  يلتقي   بالمسلمينَ  جميَعهُمْ              فيؤمُهُمْ     بِصَلاتِهِ   العَصْمَاءِ

      اثرُ  البُرَاقُ على جداركِ  لم يزلْ              لم  تمحُهُ   أيقونةُ     الدٌخَلاءِ

     والصخرةُ  الشَّمَاءُ  في   أحزانِها             كالقلبِ   ينبضُ  رَغْم كلَّ عَنَاءِ

     أبوابُ  بيتك  كالحمىا     مرفوعةُ            لا  تنحني   للَهَّجةِ     الرَّعْنَاءِ

     فمتي   نشدُّ   رحالَنا     لصلاتنا              والآجرُ   فيك مضاعفٌ بسَخَاءِ

     يا   ثالثَ  الحرمين   أولَّ    قِبْلَةٍ              ما  لليهودِ  بمسجدٍ  منَ  شاءِ

    الغدرُ      فيهِمْ    آيةٌ      معهودةٌ              خَانُوا   نبيهُمُ   بدونِ    حَيَاءِ   

   .. ولم تكتف الشاعرةُ في هذا المكان  المقدس بالغناء الشعري في الزمن القديم ليلة الإسراء والمعراج بل تصبُّ جَامَ غضَبها علَي اليهودِ واحتلالهم لأرض فلسطين والأماكن المقدسة بها . وهي حميةُ الدَّمِ العربي والإسلامي و الغيرةُ على البلادِ الإسلاميةِ والعربيةِ من بطشِ المعتدين الآثمين .

    وبتأُّملِ الألفاظ [ يا قدسُ ـ ليلة الإسراءِ ـ الرُّوحُ ـ سيدُ البشراءِ ـ سُبْحَانَ من أسرى ـ أحَمد ـ من كعبة ـ إِلَياء ـ الصخرةُ الَشماء ـ يا ثالث الحرمينَ ـ أول قبلة .] نري التاريخَ شاهداً على هذه المدينة المقدسة في نفوس المسلمين . 

   وفي قصيدة " القسطنطينية ـ إسطنبول "  القسطنطينية هي عاصمة الخلافة الإسلامية في العصر العثماني وتم تغيير الاسم مع الزمن فهي الآن إسطنبول ، قبل أن تنهزم تركيا في الحرب العالمية وتوزع دول المسلمين على المستعمر الغربي كان العرب والمسلمون ينتظرون دائماً إلى مقر الخلافة الإسلامية في تركيا ، وهذا ما جعل أمير الشعراء أحمد شوقي يستنهض همة الخليفة في الجهاد الإسلامي وعودة الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام على يد خالد بن الوليد يقول أمير الشعراء :أحمد شوقي مخاطباً الخليفة العثماني .

    " الله أكبُر كم في الفتح من عجيبِ            يا خالد الترك جدد خالد العرب "

الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي تسبح في سياحتها الشعرية في هذا المكان مؤكدة أن فتح القسطنطينية كان يسبقه حديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح وأن أميرها نعم الأمير تقول رؤى الإمام أحمد في المسند 8918 قول النبي " لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش " وقد تحقق قول الرسول الأعظم.

تعليقات