قراءة نقدية في ديوان الربيع الزائف لرائدة الشعر الكويتي الشاعرة /ندى الرفاعي.
بقلم هشام شوقي (مصر)
الشاعرة /ندى الرفاعي تتصدى بشعرها لمواجهة التطرف السياسي والديني الذي أصاب العروبة في مقتل تحت ما يسمى ثورات الربيع العربي أو ما سمَّاه الغرب الفوضى الخلاقة والتي سعت لتدمير دول مثل سوريا وليبيا واليمن وتونس ومصروالعراق وغيرهم من الدول العربية بدرجات ونسب متفاوتة الظهور والنشاط فقد سيطرت على عرش حكم مصر لفترة قليلة وألقت بظلالها علي أرجاء الأمة العربية وكان لها أثراً كبيراً في تونس والعراق وقد نجت منها دول الخليج و تركت آثاراً دامية في جسد الأمة العربية وآلاف الضحايا قتلوا تحت شعار الفوضى الخلاقة وسقطت عروش من الحكم وقاومت أخرى ولم تسقط و قاومت وانتصرت وشعوب فهمت الفتنة مبكرا فخرجت منها بأقل الخسائر و شعوب سرت وراء الحماس الديني والسياسي المتخبط أفضى بها إلى إنهيار هدام ودمار شعوب وتقسيم بلدان كل هذا الخراب الذي دمر أمتنا العربية بحثاً عن الوهم الديمقراطي وإذا كانت الشاعرة الأستاذة / ندى الرفاعي
استطاعت التعبيرعن موقفها الشعري دون الخوض في المسميات لهذه الأيادي السوداء التي عبثت بمصير أمتنا لأنه مزلق شائك لأنها فرق وجماعات منظمة ومدربة وممولة من جهات غير معلنة لكسر هيبة بعض الحكام العرب وتقوية إسرائيل زيادة على ما فيها من قوة وكسر شوكةبعض العرب فأنا مع الشاعرة مؤيد بسعادة لهذه الشاعرية الرائعة التي قالت كل شيء دون الوقوع في مزلق المسميات فقد اتخذت الشاعرة أسلوب الشفافية الشعرية والتلميح لا التصريح المباشر الفج الذي يقلل من عظمة الشعر ويجعله مجرد رأي سياسي أيـدلـوجـي لموقفها مـن ثـورات الـربـيع العـربـي أو مـا أسـمـتـه هـي "الربيع الزائف " ويا له من عنوان رائع وبديع لديوانها الشعري وقبل الخوض في التحليل النقدي للربيع الزائف أحب أن ألقي فكرة عامة بسيطة وشفافة يدركها القارئ بذكاء وهي تمهيد للقراءة النقدية " الربيع العربي (الربيع الزائف) لقد نجحت دول عربية كثيرة في مساعدة حكامها على خلق ما يسمى بالرضا بالقمع السياسي والرضا والرضوخ بالهامش الديمقراطي والذي كان يقوم ببطولته مجموعة ما من الموالين للأنظمة الحاكمة التي مارست الحكم لعقود طويلة بعضها يصل إلى الأربعين عاماً مع تردي الأوضاع التعليمية والاقتصادية و تهميش دور المجتمع ورأيه فيما يعانيه من أزمات أفرز هذا الأسلوب القمعي إلى انتفاخ الشعوب بغاز الثورات القابلة للإنفجار تحت اي تأثير حتى لو كان بسيطاً فكانت الشعوب تشعر بالحرمان من الديمقراطية الحقيقية وأنها مجرد أدوات في يد الحكام الذين استخدموا أساليب متعددة بعضها يعتمد على الفهلوة السياسية في إقناع الشعوب بدلاً من حل الأزمات ومشاركة الشعوب في الحل واستخدام القمع السياسي ومن ثم قامت مجموعات كثيرة من انصار الفكر الديني المتطرف الشاذين عن مفاهيم وأفكار المنهج الإسلامي المعتدل ووسطية الإسلام وسماحته التي يؤمن بها المسلمون جميعا واتخذوا من العاطفية الإسلامية سلما للوصول إلى كرسي الحكم بأساليب غير شرعية وغيرقانونية وكذلك بعض قوى المعارضة الهشة والمهمشة اتحدت مع هذه الجماعات في الهدف والمنهج والأسلوب والتخطيط للانقضاض على الأنظمة الحاكمة مستترة في الثورات الشعبية البريئة المطالبة بتحسين الأحوال وحل الأزمات فتم خطف الثورة من ثوارها وانكشفت الأيادي السوداء التي كانت تدعم وتخطط في الخفاء وظهر الجيل الرابع من الحروب دمر نفسك بنفسك الجيل الرابع دون الخوض في حروب مع اسرائيل اوغيرها وجعلها تتكبد ثمن الحرب المادية والنفسية والعسكرية والاقتصادية بحثاً وراء الهيمنة المطلقة في الشرق الاوسط وثانياً خلق جماعات متطرفة سياسياً ودينياً و إيصالها إلى سدة الحكم والتخلص منها باسم الإرهاب او الفوبيا الدينية او السياسية إن لم تظفر بالحكم تظل تدمر وتخرب في المجتمع و تقتل الأبرياء وتسعى للفوضى في كل مكان وقد نجحت هذه الجماعات المتطرفة بتعاطف بعض الشعوب فساروا خلفها دون معرفة نواياهم حقيقة فقد كانت المتاجرة باسم الدين والحرية والعدالة الإجتماعية و قفزت على الثورات هذه المجموعات المنظمة وسرقت الثورات من ثوارها .
الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي في ديوانها الرائع (الربيع الزائف) استطاعت بمهارة الشاعرة الرائدة التعبير عن هذا الصراع المرير والمميت والمدمر دون الوقوع في المباشرة والخطابية والمسميات السياسية التي تقلل من قيمة الفن وأثره لأن السياسة متغيرة من وقت لآخر والفن ممتد الأثر والقيمة الفنية ولا يمكن القول بأن الثورات من أولها لآخرها هي لعبة اليد السوداء الإرهابية الغربية فعين الواقع تقول إنه خرجت ثورات كبيرة وحقيقية من الشعوب العربية في كثير من البلدان التي عانت من الفقر والحرمان والقمع السياسي والتردي الإقتصادي ولكن اليد السوداء المخططة للتخريب وتدمير الدول العربية قفزت على الثورات الشعبية واختطفتها من يد الشعوب وبعض القوى الثورية أصيب بازدواجية في التوجهات وبعضها انسحب من المشهد الثوري لكن المخطط الخفي كان يستخدم أدواته جيداً في بعض الدول وما زال يستخدم تلك الأدوات في بعض الدول وإن اختلفت المسميات السياسية المعلنة او الخفية وقد تم تأليف كتب سياسية متنوعة في هذا الميدان وكثرت التحليلات السياسية والعسكرية والمخابراتية والصحفية والشعبية في هذا الميدان وكلها تؤكد أن الحرب المسماة دمَّر نفسك بنفسك والمسماة الفوضى الخلاقة و المسماة الربيع العربي الذي أسمته الشاعرة د /ندى الرفاعي " الربيع الزائف " إنها بيد مخططة من خارج الدول العربية لها تمويل كبير لجماعات وفرق وخلايا متنوعة ومختلفة بعضها ظاهر وبعضها خفي وبعضها ديني وبعضها سياسي .
إن قيمة الفن الأصيل من الشعر هو إرثاء الحق والعدل والجمال في المجتمع والتعبير عن قضايا المجتمع المتنوعة والمتباينة وهذا دور الشاعر منذ نشأة الشعر العربي والشاعر والشعر عند العرب هما لسان حال المجتمع بكل ما يمر به من متغيرات وهذا هو المبدأ القوي الذي تعتمد عليه شاعرتنا القديرة السيدة الدكتورة /ندى الرفاعي وقد لجأ بعض الأدباء والنقاد للقول بأن التطورات الحضارية التي تمر بها الأمة سواء تطوراً ذاتياً او تطوراً متأثراً بما أنجزه الغرب من ثورة هائلة في مجال العلم والأدب والثقافة فظهرت المدارس الأدبية والنقدية الحديثة في الغرب وتأثر بها الكثير من الشعراء والنقاد العرب وهي امتداد للمدارس الأدبية والنقدية عند الغرب قديماً منذ نظرية ارسطو في الشعر وآراء اليونانيين في الأدب والشعر والمسرح وهي مدارس أدبية قديمة قبل ظهور الاسلام ومع ذلك لم يتأثر بها الشاعر العربي قبل الإسلام ولا في العصر الاسلامي بل تأثر بالقرآن والسنة في الأفكار والمفاهيم والمعجم الشعري وكان الإسلام هو الثورة الحقيقية المطورة للشعر العربي في كل قضاياه وظل الشعر العربي متمسكاً برونقه وجماله مرتبطاً بالمجتمع وقضاياه وإن مر بعصور ضعف مثل العصر المملوكي والعصر العثماني فقد شهد عصور قوة وفتوة مثل العصر الجاهلي وصدر الأسلام والعصر الأموي والعصر العباسي الأول والعصر العباسي الثاني والعصر الحديث حتي تربع أحمد شوقي على كرسي إمارة الشعر ونافسه شاعر النيل حافظ أبراهيم الذي بايع أحمد شوقي وأقرًّ له بأنه أمير الشعراء العرب بقوله :
" أمير القوافي قد أتيت مبايعا " قصيدة المبايعة الشهيرة
ثم تأثر الشعر العربي بعد شوقي بالأدب الغربي و دعوة التجديد من نازك الملائكة في أواخر الاربعينيات دعوة التجديد من نازك الملائكة في العراق وصلاح عبد الصبور في مصر و بدر شاكر السياب في العراق وظهر ما يسمى مدرسة شعر التفعيلة او الشعر الحر وكانت على يد الرواد مع توغلها في الرمزية لصيقة بقضايا المجتمع لكنها فيما بعد تحولت الى غابة من الشعر السوريالي و الميتافيزقي وانفصلت عن المجتمع وقبلها كانت مدرسة الأدب الرومانسي بدأت بالانفصال عن المجتمع والتعبير عـن هموم الشاعر الشخصية واستبطان عوالمه الداخلية واللجوء الى الطبيعة للتعبير عن آلام النفس وهمومها في شكل رمزي لكنًّ شاعرتنا القديرة الأستاذة / ندى الرفاعي تمسكت بمنهج مدرسة الفن للحياة أو المدرسة الكلاسيكية في الأدب وهي مدرسة أمير الشعراء احمد شوقي و شاعر النيل حافظ ابراهيم و هي أعرق واقوى واقدم مدرسة في الشعر العربي وهي الأساس وما يتبعها من مدارس أدبية يعد فروعاً انبثقت عنها بعضها قوي وبعضها هشُّ ضعيف .
- أسلوبية البنية الشعرية عند الشاعرة القديرة الأستاذة / ندى الرفاعي في ديوانها (الربيع الزائف) التلميح لا التصريح والإيحاء الشفاف لا الخطابية والمباشرة الفجة انها توحي بالأشياء والأحداث بالشعر في شفافية رائعة وسهلة وبسيطة وتترك للقارئ استنتاج المسميات من الجماعات الزائفة المخربة والمدمرة وناشرة الفتنة في بلادنا العربية وهذا الأسلوب يجعل لشعرها قيمة فنية رائعة وأثراً فنياً رائعاً و ممتعاً دون الوقوع في فخ التخصيص الذي يولد الخلافات الفكرية والسياسية فقد نأت بشعرها عن هذا الفخ وهذا المزلق واستخدمت التعميم الشفاف بقدرة بارعة في التعبير عن الاحداث والأوصاف والنوايا لهذه الجماعات والخلايا مشعلة نار الفتنة وجعلت القارئ العادي وليس الناقد بمجرد قراءة شعرها أو الإستماع اليه يستطيع تسمية هذه الجماعات والخلايا بما لديه من معرفة متنوعة المصادر سابقة في عقله من الأخبار والبرامج والتحليلات السياسية في الإذاعات والتلفزيونات العربية والعالمية أو مصادر صحافية أو مصادر واستنتاجات أخرى من وعي القارئ وثقافته ونستطيع القول إن الشاعرة القديرة الأستاذة / ندى الرفاعي أعطتنا رحيق الثورة و خلاصة الثورة الممتدة في كثير من بلدان العرب في فترة الربيع العربي دون الخوض في التفاصيل الخلافية المملة وتركت الأمور الخلافية و كما يقول شاعرنا العربي " العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة " أو الملامة هذا الشطر الشعري الذي أصبح مثلاً من أمثال العرب فيلقي القارئ المتذوق للشعر الإشارة لغة الشعر فلغة الشعر لغة شفافة وليست تقريراً سياسياً او خطبة دينية وهذه الأسلوبية الشعرية في هذه المدرسة المدرسة الكلاسيكية قليلة في الشعر فلا شك أن للشاعرة شفافية ووعيا شعرياً وقدرة على التعبير دون الخوض في لجة الخلاف وأن كانت هذه المدرسة تسمى الأشياء بأسمائها ولها أغراضها الشعرية مثل المديح و الهجاء و الرثاء و الوصف أو ما يسمى أغراض الشعر العربي لعل من المفيد والمثري أن نشير الى أن الشاعرة القديرة الدكتورة/ ندى الرفاعي في ديوانها " الربيع الزائف " تناولت قضايا الزيف في ثورات الربيع العربي فإن لها ديوانا آخرا اسمته (ربيع وازهار) والرؤية المقارنة بين الديوانين " إن الربيع الزائف يتناول الزيف في ثورات الربيع العربي والزيف في الغزو الصدامي" علي دولة الكويت وصور و لوحات شعرية من فدائية الشعب الكويتي في الدفاع عن بلده صورتان زائفتان عكرتا صفو الأمة العربية وكدرتا مائها الصافي حسب الترتيب الغزو الصدامي على الكويت وادعاء البطولة المزيفة في احتلال دولة عربية شقيقة والصورة الثانية وهي الخلايا والجماعات المدعومة من المنظمات الصهيونية وكذلك بعض القوي المتشدقة باسم الثورة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية و مخطط الفوضى الخلاقة المدمر الذي أطاح بحكام وقسم بلدان ودمر بلدان أخرى ونجحت دول الخليج في وأد هذه الفتنة قبل اشتعالها ساعدها على ذلك عوامل متعددة منها كما اشرت قلة عدد السكان والقبضة الأمنية القوية والمُحْكْمَة التي تستطيع اكتشاف هذا الخلايا وتدميرها وقص أجنحة الجماعات التي يمكن أن تخترق من هذه الجماعات حتى لا تقوى على إشعال نار الفتنة وإثارة الفوضى .
امّا " ديوان ربيع وأزهار" للشاعرة الرائدة الأستاذة / ندى الرفاعي فإنه ديوان يكشف أن الربيع الحقيقي والأزهار العطرة الحقيقية هي حب الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الأطهار وأولياء الله الصالحين ومحبة المقدسات الإسلامية و محبة الوطن والقضايا الإسلامية الخالدة والإنسانية التي يحث عليها الإسلام وهذا جهد عظيم ورائع ورائد من الشاعرة الجواب على ديوان بديوان لبيان المفارقة الفكرية وما يترتب عليها من آثار في بناء المجتمع ونهضته فديوان " الربيع الزائف " يصف الربيع المدمر للعرب وديوان " ربيع وأزهار" يصف الربيع البناء للعرب بمعنى أن قراءة ديوان " الربيع الزائف "تطرح تساؤلاً مهماً إذا كان ما في الديوان طرح قضية الربيع الزائف فما الربيع الحقيقي ؟ ما الربيع غير المزيف الشريف ؟ فأجاب ديوان "ربيع وأزهار" للشاعرة القديرة / ندى الرفاعي على هذا السؤال بأنه ربيع محبة الله ورسوله وأولياء الله الصالحين ومحبة الخير والحق والعدل والجمال والقضايا الإسلامية التي تنهض بالأمة العربية .
تحليل ديوان الربيع الزائف.
- في قصيدة الربيع الزائف وهي تحمل عنوان الديوان ص7 وردت أوصاف متعددة للربيع الزائف جاء بعضها في كلمات مفردة مثل ( زائف/ نكد/ قتور/ نكد /باهت/ عاصف /قفراً أي مجدباً/ يباباً أي خراباً )
وبعض صفات الربيع الزائف جاء في جمل متنوعة تصف الربيع الزائف بصورة عميقة ومؤثرة مثل (ربيع زائف / نكـد قتور/
فلا زهـر يفوح/ و لا عبير/ ولا يروي سـواقيـه الغدير/ و تكثر في جوانبه القبور/ ربيع يحصد الأرواح/ ربيع الكيد جلاب المنايا/
وقد عللت الشاعرة أسباب زيف الربيع وكان مرد هذا الزيف يرجع الى ما يلي :
"بتخطيط وتمكين وفوضىا ببلطجة وعنف كم يجور "
و تفسير المعنى لكل مصطلح شعري في هذه الأبيات
1 بتخطيط أي انه ربيع مستورد إلى الأمة العربية بتخطيط صهيوني يهدف الى تدمير الدول العربية متخذاً في ذلك اساليباً متنوعة ظاهرة مثل كراهية العرب وتدمير بلدانهم وتقوية شوكة اسرائيل في الشرق الأوسط وبعضها خفي وهي الكراهية الخفية للإسلام والمسلمين .
2 تمكين :التمكين مصطلح تقني تكتيكي لجماعات التطرف المنفذة والداعمة للربيع الزائف والمراد به مراضاة الشعوب حتى تصل هذه الجماعات الى كرسي الحكم وتتم لهم مقاليد السلطة وتقوى وبعدها أي بعد هذا التمكين تقوم هذه الجماعات بتنفيذ أجندتها الهادفة لتحقيق نواياها والسيطرة على مفاصل الدول العربية وادارة شئونها وفق المخطط من الغرب .
3 فوضى هي الفوضى الخلاقة هذا المصطلح الذي استخدمه الغرب واصفاً ثورات
الربيع العربي وهو مصطلح ظاهره المنفعة وباطنهُ تدمير الأمة العربية أمَّا ظاهرهُ فهو تشبيه الغرب لثورات الربيع العربي بضوء المصباح الذي يشع أشعة ضوء في شكل فوضوي في كل إتجاه ينتج عن ذلك تحقيق مساحة الضوء الرائعة التي تذهب الظلام وتحوله الى نور فالضوء فوضوي ليس له اتجاه محدد ينبعث في كل مكان فيتحقق معني كلمه "الخلاقة " وهي مساحة الضوء التي ينتفع بها الناس نتيجة لفوضوية مسارات الضوء فهو ضوء فوضوي وخلاق والثورات العربية في الربيع العربي كانت متشعبة الأفكار والرؤي والأهداف لدرجة وصفها بالفوضى وانها خلاقة لأنها سوف تخلص العرب من الديكتاتوريات و سياسات القمع وتحقق الحرية والعدالة الاجتماعية فهي خلاقة بغض النظر كما يزعمون عن آثار الدمار لهذه الثورات معللين ذلك ان الثورات في بلاد الغرب مثل فرنسا مات بها الملايين من أجل تحقيق أهداف الثورة وثمة فارق كبير بين ثورة شعبية وثورة منظمات وجماعات اتخذت الدين وسيلة لتعاطف الشعوب معها من أجل تحقيق مصالح وأهداف هذه الجماعات والتشبيه استخدمه الغرب في غير مكانه أي تشبيه ثورات الربيع الزائف بضوء المصباح الفوضوي الذي يعد خلاقاً لأنه يمنحنا مساحة جيدة من الضوء تبدل وحشة الظلام والمراد ظلام الديكتاتوريات العربية من وجهة نظر الغرب إن الفوضى الخلاقة من أشعة المصباح الكهربائي ليس بها تدميرولها منافع للأفراد والمجتمعات والدول بل فيها فائدة عظيمة أمَا ثورات الربيع الزائف فهي مدمرة تجلب الأوصاف المقيتة التي وصفتها بها الشاعرة من الخراب والدمار والهلاك للشعوب العربية ومن ثم مصطلح الفوضى الخلاقة مصطلح مراوغ وخادع ولا يحقق منافع بل يحقق دمار وخسائر رهيبة للأمة كما يشير مصطلح" فوضي " الوارد بالقصيدة إلىا المنهج الثوري للربيع الزائف وهو إثارة الفوضى المطلقة لمراوغة السلطات والمجتمعات في معرفه الفاعل الحقيقي وراء القتل والدمار والذي أسمته وسائل الإعلام المصرية و بعض المحللين بأنه " الطرف الثالث " أو اللهو الخفي ومعني الطرف الثالث أنه طرف دخيل علي الثورات التي طرفها الأول الشعوب وطرفها الثاني السلطات الجائرة أمَّا الطرف الثالث فهو هذه الجماعات والخلايا المدمرة والقاتلة وتترك الطرف الأول والثاني يتبادلان الإتهمات لبعضهم وأدانة بعضهم لبعض والفاعل الحقيقي هو الطرف الثالث أو اللهو الخفي أو الخلايا والمنظمات والجماعات المنفذة للأجندة الغربية .
( ببلطجة وعنف كم يجور )
البلطجة : هي قانون الغابة في ظل غياب الرقابة الأمنية تظهر ظاهرة البلطجة وهي قيام فرد أو أكثر أو مجموعات باستخدام القوة وإظهار وإشهار الأسلحة البيضاء أو النارية بغية سلب الأخرين ولكنها كانت في ثورات الربيع الزائف خلايا إرهابية هدفها السلب والقتل والدمار بغية نشر الفوضى والخراب في المجتمعات العربية وهي مأجورة لهذا الهدف وكانت في مصر ظاهرة في الثورة المسماة موقعة الجمل كما يوجد تنظيمات وجماعات تستخدم أسلوب البلطجة لتحقيق أهدافها كما فعلت داعش بقتل الأبرياء في ليبيا و العراق و سوريا إن البلطجة يتبعها العنف والجور على حقوق الآخرين وهي من إفرازات الربيع الزائف ووسيلة من وسائل تحقيق أهدافه .
ـ إذن فما نتائج ثورات الربيع الزائف كما ورد في قصيدة الشاعرة الكبيرة الأستاذة / ندى الرفاعي ، تتجلىا ظاهرة نتائج الربيع الزائف في الأبيات الشعرية بالجمل الشعرية الآتية :
ـ بتدمير المعاني والمباني
ـ بحرق المنشآت إذا تنير
ـ تكشفت المكائد والدعاوي
ـ عن الغدر المبطن لا ضمير
ـ وباسم الله شاعوا كل زيف
ـ تَعَدَّتْ غاية الأوهام حرقاً
وهكذا فإن هذه القصيدة الرائعة مليئة بالألفاظ الشفافة ذات الدلالات الكبيرة فإن اللفظ في كثير من الأحيان وكما قدمنا يحتاج إلى تفسير دلالات متعددة ومتنوعة ويحيل القارئ العربي الي الأيام السوداء في تاريخ الأمة أيام الربيع الزائف الربيع العربي وما تبعه من قتل وخراب ودمار لبعض الشعوب العربية من خلايا وجماعات مراوغة باسم الدين وأخري باسم الحرية والعدالة الاجتماعية و أخري باسم الدفاع عن الحريات ولكن تكشفت الحقائق عن كل الوجوه المقنعة المستترة وراء قناع الحريات والعدالة الاجتماعية و الديموقراطية والقضاء على الديكتاتوريات وتبين أنها وجوه مستعارة وأقنعة للدمار والخراب وبدت أشجار الربيع و كأنها أشجار الزقوم وكأنها أشجار من نيران مدمرة و ثمار مسمومة هالكة للأمة العربية لنستمتع معاً بقراءة هذا النص الرائع المسمى " الربيع الزائف " للشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي سليلة آل بيت المصطفي عليها وعلي أبيها رحمه الله الرضا والرضوان سائلين الله أن يسكنه فسيح جنانه
تقول الشاعرة /ندى الرفاعي
ص8/7في قصيدة ' الربيع الزائف " ربيعٌ زائفُ نكدُ قتورُ فلا زهرً يفوُح ولا عطورُ ربيعُ باهت لا حسن فيه و لا تشدو بأنحاه الطيورُ
ربيعُ باهت لا حسن فيه ولايروي سواقيه الغديرُ
ربيعُ تعبثُ الغربانُ فيه وتكثر في جوانبه القبورُ ربيعُ يحصدُ الأرواحَ حصداً ويُزْعمُ أَنّهُ الفتحُ الكبيرُ
ربيعُ الكيد جلَاب البلايا إلى أرض المحبة إذ يزورُ وأسموهُ الربيع و كان قفراً يباباً في نواياهُ الشرورُ بتخطيط وتمكينٍ و فوضى ببلطجة و عنفٍ كم يجورُ
على كذبٍ وتضليل وزور بمكر لم تصادفهُ الدهورُ
بتدميرالمباني والمعاني بحرق المنشآتُ إذا تنيرُ
تكشفت المكائد و الدعاوي عن الغدر المبطن لا ضميرُ
وباسم الله عاشوا كلَّ زيفٍ و ما ظنَوا سيهزمهم قديرُ
وما عرفوا بأنَّ الله حق و أنَّ الله مُنتقمُ غيورُ
كذا كان الربيعُ فجاء صيفُ لهوبُ لاذعُ مُرُّ عسيرُ
وماتَ معَ الخريف جميعُ نبتٍ و لم يلبث سوى قحفٍ يطيرُ
تعَّرت غابة الأوهام حرقاً لتكشف عن خبايا إذ تدورُ
وحقَّ الحقُّ بالقهار حتماً فربُّ العرش جبارً نصيرُ وصلى الله ربُّ العرش طراً على أحمد إذا نادي الكسيرُ برعبٍ قد نُصْرتَ مسير شهر و لم يخذلك مولاك المجيدُ.
وفي قصيدة " الفتنة " ص 9ـ 10 ـ11 ببراعة شعرية ورؤية نافذة وثاقبة ومحللة للوصف والأسباب والنتائج للفتنة التي أصابت الأمة العربية من الربيع الزائف وتوابعه فتصف الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي الفتنة بمفردات [ صماء / عمياء / بكماء / سوداء ] وتتسع دائرة الوصف من الكلمة الشعرية المفردة إلي الجملة الشعرية التي تتيح مجالاً أكبر ودلالات أشمل وأعم من دلالات المفردات فتصف الفتنة بالجمل الآتية:
1ـ تغوي بألف لسان تحوي السموم
2ـ تجمع الرعاع حول كل خوان
3ـ ملعونة بحبالها وعيالها
4ـ فلا تعي غير الوقاحة منطق الطغيان
5ـ بحراكها تدعو إلى الطغيان
وتبين الشاعرة موقف الدين من الفتنة في قولها " ملعونة بحبلها وعيالها "تناصاً مع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها " رواه البخاري .
وتصف الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي أصحاب الفتنة بالصفات الآتية :
1 ـ جنود إبليس الذين تحلقوا
2 ـ أهل التنطع والتفيهق و أهل الخسران
3 ـ أهل الطعن من خلف الظهر لكل مصان
4 ـ أهل الفوضى الخلاقة
5 ـ يحبون الحرب والخراب والدمار هذه مشاعرهم ونواياهم
6 ـ يتلذذون بتعذيب الناس أي مصابون بمرض " السادية "
7 ـ يتفكهون بــذل النــاس ودمـارهــم
8 ـ أهــل مـكـر وخــديعــــة و خـــيـانـة
9 ـ أساءوا فهم التاريخ الإسلامي واتخذوا الحسين أنموذجاً وساروا عكس منهجة رضى الله عنه .
10ـ تصفهم الشاعرة بأنهم أهـــل الـدجـل فــي التـفكيـر
11ـ لا يمـلكــون أدب الخــــلاف و الإخـتــــــــلاف
وتختم الشاعرة القديرة الأستاذة/ ندى الرفاعي قصيدة الفتنة بالصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لنستمتع معاً بقراءة نص الفتنة للشاعرة القديرة الدكتورة / ندي الرفاعي ص 9ـ 10 ـ 11 تقول الشاعرة : " الفتنة "
عجباً لها تغوي بألف لسان يحوي السموم كلدغة الثعبانِ
حتى إذا ما استشرقت و تزينت جمعت رعاعاً حول كل خوانِ
ملعونة بحبالها و عيالها من أيقظ الملعون دون توانِ
فرسولنا المختار حزَّر فتنةً تأتي على الدهماء كالطوفان
صماء لا تصغي إلى صون الهدي ولها ذراعٌ شاسعٌ شَطَّان
عمياء كل عظيمة ترى بحراكها تدعو إلى الأضغانِ
بكماءُ في فمها المياهُ فما سوى غير الوقاحة منطق الطغيانِ
أدبُ الخلافِ والإختلافِ قَدِ انقضى ليحلَّ قولُ الزُّور كلَّ مكان
دجلُ يعمُّ على الديار و أهلها في غفوة التفكير و الأذهانِ
وجنودُ إبليس الذين تحلقوا يورون نيراناً بكلَّ أوانِ
هَلك التنطعُ و التمزق و الخنا هلك ا لتفيهقُ يا ذوي الخسرانِ
فكفاكمُ طعناً بظهر كياننا وكفاكمُ لمزاً لكلَّ مُصَانِ
فوضى وقيلَ بأنها خلاقةُ فلنحنُ أدري الناس بالبُنيانِ
لا حاجة لشعوبنا لدليلكم فدعوا النصيحة يا ذوي البُهْتانِ
يستمتعون بحربنا وخرابنا هلكت مساعي الظلم والعدوانِ
يتلذذونَ بدمعنا و دمائنا يتفرجون ونحنُ في الميدانِ
يتفكهونَ بذلنا و دمارنا حتماً سيأتي الله بالبرهانِ
مكـروا ومكـرُ الله فـوق رؤوسهـم سيرون مـالا كان فـي الحُسْبَـانِ
قـالـوا الحسين أقـام ثورتَهُ وما عـرفـوا الحسين وجولةَ الفُرسانِ
خـرج الحسيـنُ بنفسـهِ في أهـلهِ لا للقتال و ثـورة العصيـانِ
معـهُ النساءُ وصبية في ضعـفهـم بُعداً عن الأعداءِ و الأعوانِ
لم ينتدبْ أحـداً لنيـل مآربٍ طمعاً لشهـوةَ سطـوة السلطانِ
يارب صلَّ على حبيبك ما سرى بين الدياجي خيرة الركبانِ
ياربَّ صَلَّ على نبيكَ ما بدا فجرُ منيرٌ بعد طولِ هوانِ
و الآلِ أ هل الله والصحب الألى عرفوا حقيقة منهج الفرقان
ومن الجماليات الأسلوبية في قصيدة الفتنة
استخدام " إِذْ الفجائية حرف يفيد المفاجأة في قولها " خانوه إذ غدروا " فالخيانة والغدر من الجماعات التي أعلنت مناصرة الحسين رضي الله عنه والحرب معه من أجل استرداد راية الحكم من يزيد بن معاوية انسحبوا من ميدان المعركة وتركوا الحسين رضي الله عنه وأهله يحاربون وكانَتْ هذه الخيانة وهذا الغدر أمر مفاجئ للحسين وأهله في ميدان المعركة كذلك استخدام التعجب والدهشة من الخونة الغادرين بالحرف " يا مع اللام في المتعجب منه وهو الخيانة " في قول الشاعرة " يا لخيانة "
ومن السمات الأسلوبية أستخدم أسلوب الدعاء في ختام هذا النص ومعظم قصائد الشاعرة في موقف الصلاة على النبي صلي الله عليه وآله وسلم في قولها " ياربَّ صلَّ ..." وأيضاً استخدمت الشاعرة القديرة السيدة الدكتورة ندى الرفاعي أسلوب التعجب الصريح بكلمة " عجباً " في مطلع وحسن استهلال القصيدة ومن السمات الأسلوبية وصف أوصاف الفتنة بصيغة الإسم وهي صيغة تدل على الثبوب المطلق للفتنة في قولها " صماء / عمياء / بكماء / سوداء " فهذه صفات لا تتغير ولا تتبدل في وصف الفتنة .
وفي قصيدة " المطرقة " ص 12 ـ ص13
تؤكد الشاعرة القديرة السيدة الدكتورة / ندى الرفاعي انها تمتلك المطرقة الفكرية والأخلاقية التي توارثتها عن أهلها وبها تقوم كل معوج وتواجه كل فتنة وترشد إلى الخير و الصلاح انها مطرقة الفضائل ومكارم الأخلاق والأفكار الصحيحة التي تواجه كل انحراف وبها يستقيم كل معوج إنها أداة فكرية واخلاقية جوهرها الدين والقيم السامية ومكارم الأخلاق والقدرة البارعة في تصحيح مسار كلّ انحراف في المجتمع و مواجهة الفتنة وأهل الفتنة بسلاحها الشعري الرائع والبليغ والمؤثر وكأنه المشرط مشرط الطبيب الذي يجتث الأورام الخبيثة من جسد الإنسان.
- استخدمت الشاعرة ألفاظا تدل على المحبة لهذه المطرقة في قولها "إني عشقتك مطرقه" وقولها " أعلنت عن فاتنتي" كما تصف الشاعرة المطرقة بقولها " كم اسكتت مشاغباً " " فهي لي أمنيتي " كما تستخدم الشاعرة" لو" حرف يفيد امتناع الإمتناع أي امتناع وقوع الشرط لإمتناع وقوع الجواب في الجمل الشرطية الاتية:
و لو محوتُ بلداً و كلَّ رأي أبهج
و لو أبدت أمة فرأيي أدري الحجج
ولو جعلت جمعهم يسير كالمنتهج
كما تستخدم الشاعرة القديرة ظاهرة التكرار لضمير المتكلم "انا "تسع مرات :أربعة في بيت وأربعة أخرى في البيت التالي ومرة في بيت منفرد قبل نهاية النص ليصل عدد تكرار كلمة " أنا " إلى تسع مرات والهدف من هذا التكرار هو التوكيد المعني والتفصيل والعرض المستفيض بصور مختلفة
تقول الشاعرة :
أنا أنا أنا أنا سواي فكر الأعوج
أنا أنا أنا أنا وفوق كل مخرج
انا الذي املكها ورثتها من يعج
وهذا التوكيد المتبوع بالاستثناء يؤكد امتلاك الشاعرة لهذه المطرقة الرائعة التي تعتز بها وتعتز بالذين ورثتها عنهم .
تقول الشاعرة في قصيدة المطرقة ص ١٢/١٣
إني عشقتُ مطرقة تختال مثل الَهْودَجِ
كم امسكتْ مشاغباً وذا صراخٍ أهوجِ
فهي لي أمنيتي ومنتهى ما أرتجيِ
أعلنتُ عن فاتنتي ولم أجد من حَرَجِ
أسعى لكي امسكها ولو بغالي المهجِ
ولو محوتُ بلداً وكل رأي أبهجِ
ولو أبدت أمةً فرأيي أدرى الحججِ
أنا أنا أنا أنا سوى فكر الأعوجِ
أنا أنا أنا أنا وفوق كلَّ مخرجِ
ولو جعلتُ جمعهم يسيرُ كالمنتهج
أنا الذي أملكها ورثتها من يَعُجِ
رحماك يا مصوري من فتنة لم تخرجِ
تحرقُ ما امامها وتنتهي بالَهَرجِ
_ وفي قصيدة "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " تتجلَّىا شاعرية الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي في زيادة التفصيل والشرح والتعليل الشعري لأهل الفتنة والجماعات والخلايا المدمرة والمخربة للأمة العربية والإسلامية فتصف جهلهم بصحيح القرآن والسنة النبوية الشريفة لدرجة أنهم تتلبسهم حالة من الظن المؤكد بأن سلوكياتهم المنحرفة في فهم صحيح الدين توحي لهم بالفهم الصحيح للدين والسنة وأنهم توصلوا إلى ما لم يتوصل إليه جماعة المسلمين في كل الدول العربية وأن دورهم جاء لتعديل مسار الامة العربية والإسلامية وفق المفاهيم المليئة بالمغالطات وسوء الفهم والتفسير لمعاني آيات القران والاحاديث النبوية الشريفة ونتج عن ذلك كل هذا الخراب والدمار الذي لحق بالأمة العربية والإسلامية ناسين وجاهلين أن الخروج على الحاكم المسلم فتنة تجلب الخراب والدمار وأنه لا يجوز الخروج على الحاكم حتى لو كان ينقص أخلاقه شيء لا يضر بالأمة والشعب فالمعيار هي أمانة الحاكم وعدالته ونزاهته و حفاظه على شعبه ووطنه و لكن هم يسعون لتطبيق الشريعة في ميدان الحاكمية ناسين منهج الإسلام في التدرج في تحريم المحرم هو أنه تم التحريم على مراحل وكذلك إن كان لديهم رؤية في تطبيق الشريعة فيمكن مناقشة هذه القضايا مع الحاكم والقائمين على الحكم من الوزراء وطرح ذلك في مجالس الشعب والأمة والوصول الى حل صحيح سيخرجون منه بتصحيح أفكارهم وبيان ما شابها من قتامة لبيان حالة الزمان والمكان الذي تعيش وأن عمر الخلافة الإسلامية الحقيقية لم تتجاوز أربعين عاماً من عمر الزمن وأن الخلفاء العرب من عام 40 هـ حتى سقوط الخليفة العثماني في العصر الحديث كلهم لم يطبقوا الشريعة الاسلامية كاملة وأنهم كانوا يأخذون بجوانب منها في الحكم والقضاء ويسايرون زمانهم في أمور أخرى ، وأيضا ناسين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسقط حد السرقة في عام المجاعة و هو الخليفة الثاني للمسلمين كل هذه الدلالات تولدت لنا من عنوان قصيدة " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " وهي تناص قرآني لفئة اجيبت بمثل هذا قديماً بصحيح القرآن تم كشف زيف مفاهيمهم ومغالطاتهم من المشركين والمنافقين.
في النص الشعري حالة من الغضب الوجداني والشعور المجتمعي الذي أصاب الأمة وليس الشاعرة وحدها من تصرف هؤلاء عبرت عن ذلك الشاعرة بأن الصبر على تصرفات وسلوكيات هذه الجماعات المجرمة طال وأن الصبر الطويل على هؤلاء تولد عنه قوة لشوكتهم وقوة مدمرة للشعوب العربية مما جلب حالة من السئم والضيق من هؤلاء فهم ينشرون الزيف والتضليل ويمارسون خراباً ودماراً لا يقره صحيح الدين إن هذا العبث والخراب والدمار عمل على تشتيت الشعوب وتمزقها وفرقتها ودمارها وانتشار القتل والسرقة والنهب في الشعوب على أنها غنائم وانهم فاتحون قادمون من عصر الرسول وتشير الشاعرة الي تشتت هؤلاء في كل الدول إنهم يعيشون في تيه من التوهان والعمه وعماء العقل والقلب وقد أذلهم الله لأنهم أهل إرهاب وفوضى .
كما تبين الشاعرة موقف الصفوة والنخبة والعامة من الشرفاء في الأمة بأننا سنعلى راية الاسلام الحقيقية خفاقة في وجه الراية المزيفة لهؤلاء .
وتوجه الشاعرة نداء الى أبناء المسلمين بالتمسك بتعاليم وقيم الإسلام السامية التي تتسم بالعدل ومكارم الأخلاق وأن منهج المسلمين الأوائل اتصف بالعدل وعدم تخريب المنشآت في الحروب وعدم قتل الطفل والمرأة والشيخ العجوز وقطع الأشجار وذبح البهائم إلا لمأكل وللإسلام منهج معتدل في الحروب وفي التعامل مع أسرى الحرب وليس القتل والتدمير والتخريب للبلدان المفتوحة كما أن الإسلام دين العدل والرحمة والتسامح وفي الفتوحات الإسلامية أقام بعض الصحابة في البلدان التي فتحوها وظلوا يعلمون أبناء هذه البلدان القرآن والسنة واللغة العربية ومن هؤلاء "عقبة بن نافع "فاتح شمال افريقية وأن الفاتحين من المسلمين كانوا يبنون المساجد ويقيمون العمران وأنواع الحياة الطيبة الجميلة الرغدة التي يؤخذ منها زكاة المسلمين والجزية من غير المسلمين مع الحفاظ على تجارتهم واعمالهم ورؤوس أموالهم .
هيا نستطيع نقرأ معاً مع ما كتبته الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي في قصيدة " وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا " ص 14 ـ15 تقول الشاعرة :
صبرنا صبرنا فاقَ الحدودا سئمنا نهج من نشروا الصدودا
أرونا من صنوف الزيف حتى نسينا عزًّنا الحقَّ التليدا
وقالوا ما لآيات ً تنادي تؤلب جندهم جيلاً حقودا
أجئتم في كتاب الله شرحاً وتعليماً و تفسيراً جديدا
فذلكمُ كلامُ الربّ حّقُّ قضى المولى لنا فيه الحدودا
فقهنا من كتاب الله معنىً فما كنا لماسونٍ يهودا
أذلَّ اللهُ معشرهم فظلوا على تية بلا أرضٍ عهودا
فكانوا أهل إرهاب وفوضى ومَنْ نشر الضلالة و الحجودا
سنعلي راية الإسلام هاهاً علي أرض الخلائق لن تحيدا
ألا فافهم فتى الإسلام ديناً أضاء العدل والأمل الرغيدا
فأنت وجيلك البَّراقُ آت بأخلاقِ الأُلىا كانوا الجدودا
فما اتخذوا عصابات لقتلٍ وقد ظلوا مدي الأزمان صيدا
وقد حضنوا الحضارة في كتاب أطلَّ بنوره زمناً مديدا
وما قد نافقوا من أجل حكم وإن صانوا المواثق والعهودا
ولم يُهن الكتابُ على يديهم بذا سادوا بذا عبدوا المجيدا
لهم باري إلهُ العرش أعلى وما عاشوا لأسياد عبيدا
وصلى الله مولانا على مَنْ أتانا رحمة وروى صعيدا
وأشفى ندب آياتٍ تتالت فكان مجيئُهُ بشرى وعيدا
وآل البيت من بخطاهُ ساروا ليمضوا بالخطى الُمثلى صعودا
وفي قصيدة " عكاظ " وهو سوق عند العرب في العصر الجاهلي كان سوقاً للتجارة بكل أنواعها وكان يقام به عشرين يوماً للشعر والنقد الأدبي بركن منه وأشهرها في ميدان سماع الشعر والنقد خيمة أم جندب زوجة أمرئ القيس وكانت محكمة بارعة للشعر وفضلت بيتاً من الشعر في وصف الفرس والفارس فضلت بيتاً لعلقمة الفحل من شعراء العرب فطلقها امرؤ القيس وتزوجت علقمة الفحل هذا السوق الكبير للشعر كان يتنافس فيه فحول الشعر العربي في كل أنواع الشعر ومن هؤلأ حسان بن ثابت شاعر الرسول قبل دخوله في الإسلام الذي أشارت إليه الشاعرة في النص متخذة منه رمزاً للنضال الشعري عند المشركين و المنافقين لدرجة أن الرسول كان يقول " أهجمهم بإحسان وروح القدس معك " ويهدف النص إلى بث القيم السامية والفاضلة في مواجهة التطرف والإرهاب والمشابهة القائمة هنا أن شعراء القيم والفضائل كانوا يحاربون شعراء المجون واللهو والشرك ووجود حسان بن ثابت الشاعر المخضرم الذي عاصر الجاهلية والإسلام والمسلمين يهدف إلى دور الشعر والقصيدة العربية في إرثاء القيم الفاضلة وأن دور الشاعر العربي المسلم هو مناصرة قضايا الأمة ويتمتع النص بقافية ألفاظها صعبة المخارج للحرف ومعانيها كثيراً تتسم بالغموض اللفظي وللشاعرة هدف من ذلك وهو إثراء معجمها الشعري بألفاظ جديدة وكذلك إذا كان سوق عكاظ من العصر الجاهلي فقد اختارت ألفاظ تناسب هذه الفترة في الغموض اللفظي الذي كان سببه أن المفردات المستخدمة في البيئة الجاهلية كانت بهذه الشاكلة وإن كانت غريبة وغامضة على القارئ المعاصر فإنها كانت سهلة بسيطة عند أهل عصرها .
لنتأمل معاً معجم القافية في النص ومعانية و قد أشارت الشاعرة في هامش النص لبعض المعاني نتأمل هذه الألفاظ " عكاظ / اكتظاظ / الجمُاظ / الغلاظ / المظاظ / الجحاظ / شظاظ / الرعاظ / احتفاظ / اتعاظ / عظاظ / الفظاظ / اشتياظ / الكظاظ اللحاظ / الغناظ " لا شك أنها قوافي صعبة مخارج الحروف والمعاني على القارئ العادي وعلي متذوقي الشعر وقد تفضلت الشاعرة القديرة السيدة الدكتورة / ندى الرفاعي ببيان بعض المعاني في هامش النص تسهيلاً علي القارئ في فهم النص مثل .
الجعاط = الجعظ هو الشخص سيء الخلق
المظاظ = المخاصمة والشتم
شظاظ = تفرق
الرعظ = نصل السيف
اشتياظ = انشقاق
كظاظ = شدة و تعب
الغناظ = الكرب الشديد .
ومطلع النص وحسن استهلاله بيت شعري مضمن من شعر حسان بن ثابت شاعر الرسول أشارت الشاعرة إلى ذلك في هامش النص لنستمتع معاً مع مقطع من قصيدة " عكاظ " ص 16 ـ 17 تقول الشاعرة القديرة السيدة / ندى الرفاعي .
سأنشرُ إن حييتُ لهم كلاماً يُنَشَّرُ في المجامع من عكاظ
سلامُ الله يا حسانُ إنَا لنا الأشعارَ في كلَّ اكتظاظِ
سننصر ديننا في كل عصرٍ مدى الأزمان يا سوء الجحاظ
رؤوس المكر ليس لها مكان بأرض كتيبة الله الغلاظ
وإن ظنوا بأن ملكوا وصاروا وغالوا في الخصومة والمظاظ
ولسنا إن تطاولت الأعادي لنعجز نصرة الحق الجحاظ
وإذا كان ديوان الربيع الزائف اشتمل على قصائد الربيع الزائف / والفتنة ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً / وعكاظ " وهي قصائد تحارب التطرف والإرهاب الفكري والديني والسياسي الذي قامت به بعض الجماعات والخلايا المشبوهة لتدمير أمتنا العربية وقد أبدعت الشاعرة / ندى الرفاعي ، إبداعاً رائعاً في الوصف والتحليل والتفسير والطرح لكل تفاصيل الربيع الزائف بصورة شفافة تعتمد على التلميح لا التصريح والمباشرة الفجة واستخدمت الإيحاء متعدد الدلالات وكما قدمنا من نقد وتحليل أدبي لهذه النصوص يبقى في ديوان الربيع الزائف قصائد تحمل لوناً من التطرف والإرهاب السياسي وهي لوحات من آداب الغزو وتستعرض فيها الشاعرة لوحات شعرية للشعب الكويتي العظيم في مواجهة الغزو الصدامي الآثم والجائر لدولة الكويت وهي صورة لا تختلف كثيراً عن فكر وأعمال مدمرة مخربة قام بها أهل الربيع الزائف فإن هذا الغزو الصدامي للكويت أيضاً من الربيع الزائف .
من آداب الغزو من ص 19 ـ ص 30.
عشر لوحات شعرية رائعة تبدع فيها شاعرة الكويت القديرة السيدة الدكتورة ندى الرفاعي تكشف فيها عن شجاعة الشعب الكويتي وتمسكه بأرضه ووطنه أيام الغزو الصدامي الغاشم لدولة الكويت من كتابة شعارات مناهضة للغزو على جدران المدارس والمنشآت العامة الى التضحية بالنفس والمال ووقع عدد كبير من الشهداء والأسرى في يد جيش صدام وهذه اللوحات كتبتها الشاعرة على جدرانها رافضة ومنددة بالإرهاب السياسي للاحتلال الغاشم وراسمة عشر لوحات شعرية بماء الذهب تصور الكويت في هذه الفترة وأسمتها" جدارية الصمود "
اللوحة الأولى : حماةُ الدار
تكشف الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي عن الكثير من القصص المليئة بالبطولة والفداء للشعب الكويتي اثناء الغزو والتي تعد مفخرة تروى وتحكى للأجيال جيلاً بعد جيل ليتعلموا منها ويستفيدوا من دور الأباء والأجداد في الزود والدفاع عن بلادهم الكويت حفظها الله في أيام المحنة ويأخذون الدروس والعبرة من مسيرة الآباء والأجداد الذين رووا الكويت بدمائهم وضحوا بكل غال ونفيس من أجل حرية بلادهم لتظل رايتها خافقة في السماء .
في اسلوب شعري سهل سلس اتسم ببساطة اللغة والتركيب الشعري والخلو من التعقيدات الأسلوبية واللغوية والبيانية رسمت الشاعرة اللوحات لتناسب جميع الأعمار من أبناء الكويت وفي قافية اللام الساكنة المعلولة وربما تهدف الشاعرة بتسكين القوافي المعلولة أن تكون سهلة في الإنشاد والتغني بها عند الطلائع الشابة واليافعة تستعرض الشاعرة بطولة الأباء والأجداد وتحث الأجيال المعاصرة والأبناء والأحفاد على التمسك بمسيرة الأباء والأجداد في الدفاع عن الكويت لتظل حرة شامخة
تقول الشاعرة الأستاذة السيدة / ندى الرفاعي :
سوف نروى لبنينا قصة تخدو الخيال
هي للعبرة كانت لم تكن يوماً ببال
ليت شعري ولو بوسعي وصف ما كان وجال
وصف عزم وجهادٍ أظهروا طيب الخصال
لا تظنوا يا صغاري كان ضرباً من محال
هذه الأرض فداها بالدم الغالي الرجال
دافعوا عنها لتبقىا حرة مثل الرمال
لا تعيشوا قيد وَهْمٍ ذهب الشر و زال
وعلى العهد فصونوا كل أيام النضال
إننا خير حماةٍ دأبنا في كلَّ حال
اللوحة الثانية : الغزو الغاشم
وفي هذه اللوحة تكشف الشاعرة عن تهديدات صدام للكويت قبل الغزو وكشف نواياه عن غزو الكويت على أنها محافظة من محافظات العراق ويجب استردادها وأنه كانت له بطانة فاسدة في السياسة والأعلام والصحافة تصفق لكل ما يقول وكأنه قرآن لا يقبل المناقشة ولا يقبل الرأي الآخر الرافض لهذا الغزو الجائر الظالم الغاشم وهو احتلال دولة عربية لدولة عربية وهي ظاهرة لم تحدث من قبل في تاريخ العرب المعاصر ثم يدخلون الكويت غازين مخربين قاتلين للأبرياء تقول الشاعرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي .
أعلن طماع يوما أن سيغزو ويصول
مثلما زيف تراءى كان زوراً ما يقول
رامياً كل المواثيق التي تحوي الأصول
واهماً أن الأماني تصنع الحق الدليل
خلفه جوقة نشب تتلهى بالعقول
وصحونا ذات صُبح مُغبرٍ صعب وبيلْ
حولنا الأجناد في الأحياء والساحات والبر لم المهيل
يُقتلون الحرَّ و الرافض للعيش الذليل
ينهبون الدار و الآثار و العرف الجميل
ينحرون الُحبَّ و اللُحمة والجار النبيلْ
وفي اللوحة الثالثة : إنا صامدون
تحافظ الشاعرة القديرة السيدة الأستاذة / ندى الرفاعي على السهولة الشعرية والألفاظ السهلة والتركيب الشعري الشفاف والمشاعر المتدفقة الحارة المشحونة بمشاعر الفداء والتضحية والنضال من أجل الكويت مبتعدة عن الصور البيانية الغامضة والتشبيهات المعقدة وتقدم لوحه شعرية رائعة مشحونة بالمشاعر الوطنية مستهلة النص بالضمير" نحن " و مردفة له ب " لنا " في البيت التالي ثم توجه التوبيخ والزجر للمغتصب الآثم داعية له بمغادرة الكويت و إلا سينالون الموت الزؤام ونلاحظ خلو اللوحات من الختاميات المألوفة عند الشاعرة من الصلاة على النبي وآل بيته لأنها تهدف الى تقديم لوحات جدارية للصمود في شكل مختصر ومو?
تعليقات
إرسال تعليق