شيخ الأزهر : ابتلينا بأناس إذا رأوا حسنة أخفوها وإذا رأوا سيئة أذاعوها و إن لم يروا سيئة اخترعوها
كتب - محمود الهندي
قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن من أسمائه -سبحانه وتعالي- التى وردت في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة وأجمع عليها المسلمون اسم "الغفار"، وقد ورد في القرآن في أكثر من صيغة قال تعالى: (أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) وقوله تعالى:(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقوله تعالى" (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ) وأيضا( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ).
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر خلال الحلقة الخامسة عشر من برنامجه الرمضاني "حديث الإمام الطيب" المذاع على قناة الحياة، أنه قد ورد هذا الاسم على صيغ فاعل وفعال وفعول مما يدل على أن الله سبحانه وتعالى كثير الغفران، وكثير العفو، وهو يغفر ويستر ويعفو على مستوى جميع صيغ اللغة التي يفهمها العرب، مبينًا أنه اشتق اسم غافر أو غفار من الغفر وهو الستر، فغفار بمعنى ستار والغفر بمعنى الستر يعني التغطية، أو بمعنى أنه -سبحانه وتعالى- يستر ذنوب عباده في الدنيا وفي الآخرة.
وأضاف فضيلته أن هذا الكلام قد يبدو بسيطا، لكن وراءه حكمة عظيمة، حيث أن السواد الأعظم من المذنبين و الآثمين أو العصاة لا يراهم أحد، ولكن يسترهم الله -سبحانه وتعالى- وهذا هو معنى الغفار الذي يستر ذنوب عباده، ثم يعفو عنها ويغفرها في الدار الآخرة يوم القيامة، والذي يهمنا هنا هو أنه -سبحانه وتعالى- يسدل الستر على عباده ويعفو عنهم في الآخرة.
وبيّن شيخ الأزهر أن الإمام الغزالي له نظرة عميقة في هذا الموضوع لم يسبقه أحد فيها، حيث قال: إن معنى اسم الله "الغفار" أنه يستر قبائح العبد على عدة مستويات أول شئ يستر قبائحه في باطنه، أي داخل الإنسان نفسه بحيث لو خرجت منه أصبح لا يطاق ولا يحتمله أحد، فغطى القبح بالجمال وهذا بالنسبة للقبائح الحسية، كما أنه يغطي القبائح المعنوية وهي أمراض القلب مثل الحقد والكره والحسد والتعالي، فالله سبحانه وتعالى يستر هذه العيوب أو هذه الذنوب ولايراها الآخرين.
وأوضح فضيلته أن القرآن نزل بأوامر ونواهي، ولكنها تحتاج إلى قانون يلزم الناس بهذه الأخلاق النبيلة الموجودة في القرآن، ويضرب على أيديهم إذا هم تعدوا حدودهم، ففي بلاد كثيرة لا يستطيع أحد في أي قناة من القنوات أن يسيء إلى شخص وإلا سيمثل أمام القانون أو القضاء، ولكننا ابتلينا نحن بأناس إذا رأوا حسنة أخفوها، و إذا رأوا سيئة أذاعوها و إن لم ير سيئة اخترعوها، لكن إن شاء الله هذه الظاهرة تقنن ويوضع لها قانون رادع.
واختتم شيخ الأزهر حديثه أن الذي يعتدي على سمعة أحد كأنه قتله أو كأنه أصابه، كما أن الله توعد من يتتبع عورات الناس فضلا عمن يذيعها على الهواء أنه سيتتبع الله عورته ويفضحه حتى لو في قلب بيته، و قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله)، فمن يفعل ذلك ليس متروكا، إلا من يسارع ويتوب ويندم ويطلب العفو ممن أساء في حقه، و هذا الشهر الكريم فرصة لمن يتذكر ومن يتعظ، أما الذين لا يبالون سيقسمهم الله مرة واحدة.
تعليقات
إرسال تعليق